وقال له : أما المال فأده فليس منه بد . قال : ليس عندى ، ولكن أسأل فومى إذا خرج عطاؤهم . فقال لقومه : إن أمير المؤمنين قد حبسنى بكذا وكذا قأدونى. فجعل الرجل يجيئ بعطائه فينيره بين يديه ، فيقول : ليس هذا أردنا ، دون هذا يكفينا . وإنما أراد بذلك أن يسمع هشام ، فيعلم أنه ليس عنده مال ، قال : وجعل كلما أخذ من رجل شيئا كتب عليه اسمه . قال : فلما أمسى ردها عليهم ، وأصبح فأدى إلى هشام من ماله .
حكى أن أمير المؤمنين المعتصم بالله ، غضب على بعض خدمه فحبسه في داره في بيت وأغلق عليه بابا . وأن رفيقا له من غلمان المعتصم كان يقف يالباب ، فيناجى المحبوس ويخبره بأخبار السلطان ، ويكتب بها إليه الرقاع ، فاتهمهما المعتصم بالله يما كانا يفعلان . فدعا بالغلام المطلق ، فسأله عما قرف () به من مكاتبته صاحبه ، فأنكر ذلك . فأمره فكتب بيده في رقعة مثل رقعه، وجعل فى الرقعة وقيعة في المعتصم بالله ، ثم قال له : خذ الرقعة ودواة وأدخلهما من محت باب البيت ولا تتكلم بشىء حتى أنظر بمما يجيبك به المحبوس .
فحاف الغلام أن يجيبه .رفيقه المحبوس بحسب ما كان يدور بينهما . فأدخل الدواة والرقعة من يحت الباب ، وقلب الدواة ، وجعل صدر الرقعة مما يلى المحبوس وآخرها مما يلى الباب ، وتنحى عن الباب . فلما رأى المحبوس الدواة مقلوبة والرقعة مقلوبة ، أنكر ذلك وخاف أن تكون حيلة لتكشيف(2) . فكتب جواب الرقعة بإنكار ما كان فيها واستعظامه له ، وقال في رقعته : متى كانت بينى وبينك مراسلة ومكاتبة حتى تكتب إلى مثل هذا ؟ ثم لف الجواب فطرحه . فلما قرأ المعتصم بالله الجواب برئا عنده من المراسلة.
Sayfa 216