بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تقديم بقلم: أ. د. عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ المُحْسِنِ التُّرْكِيِّ (الأمِيْنِ العَامِّ لِرَابِطَةِ العَالَمِ الإسْلَامِيِّ)
الحمد للَّه رب العالمين، وصلى اللَّه وسلم وبارك على نبينا المصطفى محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فإن الصلة بين الأقطار الإسلامية المتباعدة، لم تكن في الأزمنة الغابرة بشيء من الأسباب أشدَّ قوة، ولا أمتنَ، منها بحبل العلم وأهله؛ فقد كانت الأبصار ترصد في المسالك إلى الأمصار، ورثة الأنبياء يتجشمون وعثاء الأسفار، مستعذبيها في سبيل ما يطلبون من فنون علوم الشريعة الشريفة، وما يرجون من مُشامّة الشيوخ ولُقي الأكابر للأخذ عنهم، ووصل إسناد العلم بهم:
تَهُونُ علينا فِي المَعَالِي نُفُوسُنا ... ومَن خَطَبَ الحَسْنَاءَ لَمْ يُغْلها المَهْرُ
وبعضهم رحل بعد ما تضلع مما في بلده وتشيخ، فكانت رحلته للاطلاع والاستزادة وإفادة غيره بما عنده، كما حصل بين القاضي أبي الوليد الباجي والخطيب البغدادي في بغداد، إذ تدبجا برواية كل منهما عن صاحبه ما ليس عنده.
وكانت الكتب ترحل من بلدان مصنفيها إلى أقطار بعيدة في مدد زمنية قصيرة، مما يدل على شدة الحرص عليها، والتلهف لاقتنائها، وما أكثر ما نجد في تراجم
1 / 7