İştar'ın Gizemi: Tanrıça, Dini ve Mitolojinin Kökeni

Firas el-Savvah d. 1450 AH
168

İştar'ın Gizemi: Tanrıça, Dini ve Mitolojinin Kökeni

لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة

Türler

لقد كانت سيطرة المرأة على الحياة الدينية سيطرة على عالم يموج بالأسرار والخفايا. فإلى جانب المستوى الطبيعي للديانة العشتارية، الذي تعطي عشتار عنده ثمار الأرض، وخيرات الطبيعة، هناك المستوى السراني الذي تعطي عنده الأم القمرية، راعية الليل، ثمار الروح. في المستوى الأول، هي أم القمح تهب أهل الظاهر قوت يومهم، وفي المستوى الثاني هي أم الخمر التي تهب أهل الباطن قوت قلوبهم، وتفتح بصائرهم على حكمة الليل. فعند الخمر والمستحضرات المخدرة المستخلصة من النباتات، ينقلب الطبيعي والمادي إلى روحاني علوي، وتضع عشتار سرها كسيدة لعالم الضوء وعالم العتم في آن معا؛ عالم الطبيعة وعالم الروح. وقد كشفت سرها هذا للمرأة في مراحل الحضارة البشرية الأولى، عندما كانت المرأة تخزن الثمار وتبحث عن الجذور والأعشاب، وتم على يديها لأول مرة تحويل نتاج الأرض إلى وسط ناقل إلى مستويات الروح. ففي نشوة الخمر وتهويم المخدر، نموذج لكل ما ستنتزعه المرأة من أعماق الظلام؛ من شعر وفن وعرفان وإلهام ومعراج واستنارة.

ولكن انطلاق الروحاني من المادي، ليس قطيعة عن الطبيعة وذوبانا في نيرفانا إلهية تنكر كل رابط أرضي؛ لأن روحانية المرأة، على عكس روحانية الرجل، تنطلق من المادي وتبقى مخلصة له. إن كل تصعيد لديها يبدأ من حركة الجسد الدينامي، لا من حركة الذهن المجرد، والعقل التأملي البارد. وكل ارتقاء نحو الأعلى يبدأ في نزول نحو عتمة النفس، عن طريق الرقص والموسيقى والمسكر والمخدر والجنس. ولعلنا واجدون في العبادات والطقوس الديونيسية، التي شكل النساء سواد أتباعها، أوضح تعبير عن هذا الاتجاه الذي يتوسل إلى الروحي بالمادي، وإلى سكون النفس بصخب الجسد. لذا كان ديونيسيوس، بحق، إلها للنساء، قدم لهن في فترات الضياع المتأخرة إطارا دينيا استوعب تصوف الجنس الأنثوي، فأعاد إليه حرارة الأيام القديمة. فهو إذ يحرض طاقة الجسد الحبيسة، ويجلو حسية الأعضاء واضعا الكيان العضوي في مساره الصحيح كظاهرة طبيعية، إنما يدفع في نفس الوقت إلى تجاوز حركة الجسد الظاهرة نحو أسرار الطبيعة الخافية التي لا يستطيع العقل إلا أن يمس أطرافها. ففي البدء لم يخرج الكون من لجة العماء بواسطة العقل، بل بحركة الجسد. وعشتار لم تخلق مظاهر الطبيعة بكلمتها، بل بتحول جسدها الذي نشأت عنه السماوات والأرض. إن حركة الطبيعة، جسد الأم الكبرى، لتستوعبها حركة الجسد الإنساني لا سكونية العقل. وما يقوم به دراويش المتصوفة اليوم من رقص دوراني على إيقاع الموسيقى، ليصلنا بالتصوف العشتاري القديم، حيث يستنير الجسد بأنوار الرحمن وهو في ذروة أفراحه الأرضية.

سيدة الحكمة

تدعو الشمس إلى التفكير المنطقي الصاحي، أما القمر فهو سيد الإلهام الذي يهبط دون تصميم أو تدبير. لذلك يتلمس الرجل طريقه للمعرفة بالتأمل العقلي المنطقي، أما المرأة فتتلمس طريق الإحساس الباطني والغريزة والكشف القلبي . طريقان لفاعلية العقل، أطلق عليهما التصوف الإسلامي اسم المعرفة للأول والعرفان للثاني. تسير المعرفة بخطى بطيئة من المقدمات إلى نتائجها؛ أما العرفان فيضيء النفس في ومضات تشتعل وتنطفئ، كأنما تصدر عن تماس مع قوة خفية إلهية عبر قناة صافية مباشرة؛ قوة رآها الأقدمون في عشتار الحكمة الأنثوية الخالدة.

عشتار هي أصل الكون، مبدأ الأشياء، عماد الحياة. هذا ما يعرفه عنها العموم، وعند هذا الحد يتوقف سعيهم. السير وراء هذا التخم دخول في منطقة محرمة موصودة في وجه الكثرة، مغلقة أمام الباحثين بالعقل عن الأصول ونظام الأشياء؛ لأن مثل هذا السير رحلة عرفانية يطرح الشارع فيها خلفه كل المعارف السابقة وأدوات الفهم المبذولة للجميع. يغتسل من صحو النهار ويقظة العقل، ليدخل في ملكوت الليل فيهبط مدارج النفس التي تقود إلى مركز السر الأعظم، فإذا آب المريد من رحلته سالما غانما، دخل في ثلة العارفين، وإلا بقي مع العابدين المحجوبين.

في شكلها كإلهة للحكمية الأنثوية، تتخذ عشتار ألقابا شتى؛ فهي «آنتيا» أي سيدة الرؤى، وهو لقب عرفت به كل من سيبيل، وأرتميس-هيقات،

6

الإلهة المرعبة السوداء وسيدة الظلام وواهبة الحكمة للبشر.

7

وهي «معات» أي: سيدة الحقيقة عند المصريين.

Bilinmeyen sayfa