وشاهدوا مطالع الأنوار = وما احتوت عليه من أسرار أقول: شاهدوا معطوف على أبصروا فهو من ثمرات رسم البيان أيضا والمراد بالمشاهدة بعين البصيرة والمطالع جمع مطلع وهو محل الطلوع والأنوار جمع نور وهو ما به ظهور الأشياء والمراد به هنا العلم لأنه به تظهر المعلومات والأسرار جمع سر وهو المعنى الخفي ومعنى البيت أنهم بواسطة إمعان النظر الناشئ عما رسم في قلوبهم شاهدوا معاني كلمات القرآن التي هي كمطالع الأنوار الحسية بجامع ما ينشأ عن كل من النور محسوسا في الثاني ومعقولا في الأول وشاهدوا ما اشتملت عليه تلك الأنوار أي العلوم من أسرار أي نكات خفية إذ خبايا القرآن وخفاياه تقف دون آخرها العقول بدليل وما يعلم تأويله إلا الله وإدراك بعضها إنما يكون بالتنوير جعلنا الله من أهله قال:
فنزهوا القلوب في رياضه= وأوردوا الفكر على حياضه
أقول: الرياض جمع روضة والمضاف إليه ضمير القرآن على تقدير مضاف هو معاني ولما كانت النفوس الناطقة تنتعش باقتناص المعاني كما تنتعش بالأقوات الأشباح والمباني شبه معاني القرآن بالرياض بجامع تنزه النفس الناطقة بملابستها كتنزهه القالب الجسماني بالرياض المحسوسة فإضافة رياضه من قبيل لجين الماء مع مراعاة المضاف المتقدم كإضافة حياض بعده لما بعده وإن كان المقصود نوعا من المتوسط بين المتضايفين. والفكر حركة النفس في المعقولات وحركتها في المحسوسات تخييل والحياض جمع حوض وقعت واوه بعد كسرة قلبت ياء أي على معانيه التي هي كالحيض المحسوسة بجامع شفاء الصدر في كل منهما ولا يخفى عليك تفريع هذا البيت على ما قبله قال:
ثم صلاة الله ماترنما= حاد يسوق العيس في أرض الحما
على نبينا الحبيب الهادي = أجل كل ناطق بالضاد
Sayfa 6