لأنه كالروح للإعراب = وهو لعلم النحو كاللباب أقول: لفظة هذا خبر لمبتدأ محذوف أي الأمر هذا أو مبتدأ والخبر محذوف أي هذا كما ذكر وهو للانتقال من كلام إلى آخر ويسمى الاقتضاب لعدم الملائمة بين المنتقل عنه والمنتقل إليه فإن كانت مناسبة سمي تخلصا كما يأتي الكلام على ذلك في فن البديع إن شاء الله تعالى والواو في وإن واو الحال ودرر البيان أراد بها مسائل علم البيان المعني به إدراك المسائل على سبيل الاستعارة المصرحة وغرر البديع والمعاني كذلك نظرا للأصل في معنى الغرة ويحتمل أن يكون المراد بالبيان وتالييه المسائل فالإضافة من قبيل لجين الماء وسيأتي تحقيق معنى العلم في أول الفن الأول وتهدي توصل والموارد جمع مورد مرادا به المعنى سمي بذلك لورود الأفكار عليه لتشتفي من ظمأ الجهل كالورد المحسوس الشافي من حرارة الكبد فالموراد استعارة مصرحة ونبذ جمع نبذة مرادا بها بعض المعنى وبديعة بمعنى حسنة ولطيفة دقيقة ومن تبعيضية وعلم اللسان العربي علم اللغة وأسراره دقائقه ودرك بمعنى إدراك معطوف على موارد وما واقعة على المعاني الدقيقة التي خص بها اللسان العربي ومن عجب بيان لها والعجب بمعنى العجيب أي ما يتعجب منه للطافته وقوله لأنه أي المذكور من البيان وتالييه ومراده بالإعراب المعرب ولباب كل شيء خالصه ومعنى كون هذه الفنون أي مؤداها كالروح للمعرب من الكلمات أنها موصلة إلى معرفة المزايا الزائدة على معاني الكلمات الأصلية التي هي من خواص التراكيب كالمطابقة لمقتضى الحال وهذا هو محط نظر البلغاء فالكلمات المعربة المجردة عن هذه الخواص كالأشباح الخالية عن الأرواح فليست معتبرة بدونها كما أن الجسم لا يعتبر بدون الروح فالخواص للكلمات بمنزلة الأرواح للأشباح ففي كلامه الحكم على الشيء بحكم مؤداه ويحتمل أن يكون المراد بالإعراب العلم الباحث عنه وهو النحو فيكون الحكم على البيان وما معه لا على المؤدى ويكون المصنف قد جعل له منزلتين الأولى منزلة الروح من الجسم والثانية منزلة اللباب من القشر ومراده بهذه الأبيات مدح هذا الفن المتضمن مدح كتابه وهذا الفن جدير بذلك إذ لا تدرك دقائق التفسير وما اشتمل عليه من الاعتبارات اللطيفة إلا بواسطة مراعاة هذا الفن فهو من أعظم آلات العلوم الشرعية ولذلك كان الاشتغال به فرض كفاية. واعلم أن تعريف كل علم يأتي في أوله وموضوعه الكلمات العربية من الحيثيات الآتية والواضع له الشيخ عبد القاهر والاسم يأتي في آخر المقدمة ومادته من أسرار العربية وتقدم حكمه وستأتي مسائل كل، وفضيلته إدراك معجزة القرآن به، ونسبته تقدمت في قوله لأنه كالروح الخ، وفائدته تأتي عند قوله وحافظ الخ. قال:
وقد دعا بعض من الطلاب = لرجز يهدي إلى الصواب
فجئته برجز مفيد = مهذب منقح سديد
ملتقطا من درر التلخيص = جواهرا بديعة التخليص
Sayfa 12