71

Kitap Bilimlerinde Öz

اللباب في علوم الكتاب

Soruşturmacı

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

Yayıncı

دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان

Baskı

الأولى، 1419 هـ -1998م

واختلف أهل العلم في أن " الرحمن الرحيم " بالنسبة إلى كونهما بمعنى واحد، أو مختلفين؟

فذهب بعضهم: إلى أنهما بمعنى واحد ك " ندمان ونديم "، ثم اختلف هؤلاء على قولين:

فمنهم من قال: يجمع بينهما؛ تأكيدا.

ومنهم من قال: لما تسمى مسيلمة - لعنه الله - ب " الرحمن " قال الله تعالى لنفسه: " الرحمن الرحيم " فالجمع بين هاتين الصفتين لله - تعالى فقط. وهذا ضعيف جدا؛ فإن تسميته بذلك غير معتد بها ألبتة، وأيضا: فإن " بسم الله الرحمن الرحيم " قبل ظهور أمر مسيلمة.

ومنهم من قال: لكل واحد فائدة غير فائدة الآخر، وجعل ذلك بالنسبة إلى تغاير متعلقهما؛ إذ يقال: " رحمان الدنيا، ورحيم الآخرة "، ويروى ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم وبجل ومجد وعظم - وذلك لأن رحمته في الدنيا تعم المؤمن والكافر، وفي الآخرة تخص المؤمنين فقط.

ويروى: " رحيم الدنيا، ورحمان الآخرة " وفي المغايرة بينهما بهذا القدر وحده نظر لا يخفى.

وذهب بعضهم إلى أنهما مختلفان، ثم اختلف هؤلاء أيضا:

فمنهم من قال: الرحمن أبلغ؛ ولذلك لا يطلق على غير البارئ - تعالى -، واختاره الزمخشري، وجعله من باب " غضبان " و " سكران " للممتلئ غضبا وسكرا؛ ولذلك يقال: " رحمان الدنيا والآخرة، ورحيم الآخرة فقط ".

قال الزمخشري: " فكان القياس الترقي من الأدنى إلى الأعلى كما يقال: " شجاع باسل " ولا يقال: " باسل شجاع ".

ثم أجاب: بأنه أردف " الرحمن " الذي يتناول جلائل النعم وأصولها ب " الرحيم "؛ ليكون كالتتمة والرديف؛ ليتناول " ما دق منها] ، ولطف.

ومنهم من عكس: فجعل " الرحيم " أبلغ، ويؤيده رواية من قال: " رحيم الدنيا، ورحمان الآخرة "؛ لأنه في الدنيا يرحم المؤمن والكافر، وفي الآخرة لا يرحم إلا المؤمن.

لكن الصحيح أن " الرحمن " أبلغ، وأما هذه الرواية فليس فيها دليل، بل هي دالة على أن " الرحمن " أبلغ؛ وذلك لأن القيامة فيها الرحمة أكثر بأضعاف، وأثرها فيها أظهر على ما يروى: " أنه خبأ لعباده تسعا وتسعين رحمة ليوم القيامة ".

Sayfa 148