فسألها وهو يرمي بالجرائد جانبا: كيف الحال في الخارج؟ - كحاله كل يوم.
ونضت عنها ثيابها إلا قميصا شفافا، فسطعت أنفه رائحة بودرة ملبدة بالعرق، ثم استطردت: ويتحدث عنك ناس كأنك عنترة، ولكنهم لا يدرون عذابنا!
فقال ببساطة: أكثرية شعبنا لا تخاف اللصوص ولا تكرههم.
وتواصلت خمس دقائق في التهام الشواء، ثم قال: ولكنهم بالفطرة يكرهون الكلاب!
فقالت باسمة وهي تلعق أناملها: أنا أحب الكلاب! - لا أعني هؤلاء. - نعم، ولم يخل بيتي منها أبدا، حتى شهدت موت آخر واحدة، وبكيت كثيرا، فصممت ألا أعاشرها مرة أخرى.
فقال ساخرا: ينبغي أن نتجنب الحب إذا توعدنا بالتعب. - أنت لا تفهمني ولا تحبني!
فقال برجاء: لا تكوني ظالمة، ألا ترين أن الدنيا كلها ظالمة؟!
وأفرطت في الشراب حتى دار رأسها، واعترفت له بأن اسمها الحقيقي هو شلبية، وقصت عليه نوادر من عهد البلينا؛ الطفولة والمياه الراكدة والشباب والهرب، ثم قالت بخيلاء: وأبي كان عمدة!
فقال ببساطة: كان خادم العمدة.
فقطبت، ولكنه بادرها قائلا: أنت التي قلت في الزمان الأول!
Bilinmeyen sayfa