254

Arapların Dili

لسان العرب

Yayıncı

دار صادر

Baskı Numarası

الثالثة

Yayın Yılı

١٤١٤ هـ

Yayın Yeri

بيروت

لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَرَى جَدَبَّا، ... فِي عامِنا ذَا، بَعدَ ما أَخْصَبَّا
فَإِنَّهُ أَراد جَدْبًا، فحرَّكَ الدالَ بِحَرَكَةِ الْبَاءِ، وحذَف الأَلف عَلَى حدِّ قَوْلِكَ: رأَيت زَيْدْ، فِي الْوَقْفِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: الْقَوْلُ فِيهِ أَنه ثَقَّلَ الباءَ، كَمَا ثَقَّل اللَّامَ فِي عَيْهَلِّ فِي قَوْلِهِ:
بِبازِلٍ وَجْناءَ أَوْ عَيْهَلِ
فَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ حَتَّى حَرَّك الدَّالَ لَمّا كَانَتْ سَاكِنَةً لَا يَقعُ بَعْدَهَا المُشدَّد ثُمَّ أَطْلَقَ كإِطْلاقه عَيْهَلِّ وَنَحْوِهَا. وَيُرْوَى أَيضًا جَدْبَبَّا، وَذَلِكَ أَنه أَراد تَثْقِيلَ الْبَاءِ، والدالُ قَبْلَهَا سَاكِنَةٌ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ، وَكَرِهَ أَيضًا تَحَرِيكَ الدَّالِ لأَنّ فِي ذَلِكَ انْتِقاضَ الصِّيغة، فأَقَرَّها عَلَى سُكُونِهَا، وَزَادَ بَعْدَ الباءِ بَاءً أُخرى مُضَعَّفَةً لإِقامة الْوَزْنِ. فَإِنْ قُلْتَ: فَهَلْ تَجِدُ فِي قَوْلِهِ جَدْبَبَّا حُجَّةً لِلنَّحْوِيِّينَ عَلَى أَبي عُثْمَانَ فِي امْتناعه مِمَّا أَجازوه بَيْنَهُمْ مِنْ بِنَائِهِمْ مِثْلَ فَرَزْدَق مِنْ ضَرَبَ، وَنَحْوُهُ ضَرَبَّبٌ، واحْتِجاجِه فِي ذَلِكَ لأَنه لَمْ يَجِدْ فِي الْكَلَامِ ثَلَاثَ لَامَاتٍ مُترادفةٍ عَلَى الاتِّفاق، وَقَدْ قَالُوا جَدْبَبَّا كَمَا تَرَى، فَجَمَعَ الرَّاجِزُ بَيْنَ ثَلَاثِ لَامَاتٍ مُتَّفِقَةٍ؛ فَالْجَوَابُ أَنه لَا حُجَّةَ عَلَى أَبي عُثْمَانَ لِلنَّحْوِيِّينَ فِي هَذَا مِن قِبَل أَن هَذَا شيءٌ عرَضَ فِي الوَقْف، والوَصْلُ مُزِيلهُ. وَمَا كَانَتْ هَذِهِ حالَه لَمْ يُحْفَلْ بِهِ، وَلَمْ يُتَّخذْ أَصلًا يُقاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. أَلا تَرَى إِلَى إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ اسْمٌ آخِرُهُ وَاوٌ قَبْلَهَا حَرَكَةٌ ثُمَّ لَا يَفْسُد ذَلِكَ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ فِي الْوَقْفِ: هَذِهِ أَفْعَوْ، وَهُوَ الكَلَوْ، مِنْ حَيْثُ كَانَ هَذَا بَدَلًا جاءَ بِهِ الوَقْفُ، وَلَيْسَ ثَابِتًا فِي الْوَصْلِ الَّذِي عَلَيْهِ المُعْتَمَد والعَملُ، وَإِنَّمَا هَذِهِ الباءُ الْمُشَدَّدَةُ فِي جَدْبَبَّا زَائِدَةٌ لِلْوَقْفِ، وغيرِ ضَرورة الشِّعْرِ، وَمِثْلُهَا قَوْلُ جَنْدَلٍ:
جارِيةٌ لَيْسَتْ مِنَ الوَخْشَنِّ، ... لَا تَلبَس المِنْطَقَ بالمَتْنَنِّ،
إِلَّا ببَتٍّ واحدٍ بَتَّنِّ، ... كَأَنَّ مَجْرَى دَمْعِها المُسْتَنِ
قُطْنُنَّةٌ مِنْ أَجْودِ القُطْنُنِ
فَكَمَا زَادَ هَذِهِ النوناتِ ضَرُورَةً كَذَلِكَ زَادَ الباءَ فِي جَدبَبَّا ضَرُورَةً، وَلَا اعتِداد فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا بِهَذَا الحَرْف المُضاعَف. قَالَ: وَعَلَى هَذَا أَيضًا عِنْدِي مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ الرَّاجِزِ:
لكِنْ رَعَيْنَ القِنْعَ حَيْثُ ادْهَمَّما
أَراد: ادْهَمَّ، فَزَادَ مِيمًا أُخرى. قَالَ وَقَالَ لِي أَبو عَلِيٍّ فِي جَدْبَبَّا: إِنَّهُ بَنَى مِنْهُ فَعْلَلَ مِثْلَ قَرْدَدَ، ثُمَّ زَادَ الباءَ الأَخيرة كَزِيَادَةِ الْمِيمِ فِي الأَضْخَمّا. قَالَ: وَكَمَا لَا حُجَّةَ عَلَى أَبي عُثْمَانَ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ جَدْبَبَّا كَذَلِكَ لَا حُجَّةَ لِلنَّحْوِيِّينَ عَلَى الأَخفش فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ يُبْنَى مِنْ ضَرْبٍ مِثْلِ اطْمأَنَّ، فَتَقُولُ: اضْرَبَبَّ. وَقَوْلُهُمْ هُمُ اضْرَبَّبَ، بِسُكُونِ اللَّامِ الأُولى بِقَوْلِ الرَّاجِزِ، حَيْثُ ادْهَمَّما، بِسُكُونِ الْمِيمِ الأُولى، لأَنّ لَهُ أَن يَقُولَ إِنَّ هَذَا إِنَّمَا جاءَ لِضَرُورَةِ الْقَافِيَةِ، فَزَادَ عَلَى ادْهَمَّ، وَقَدْ تَرَاهُ سَاكِنَ الْمِيمِ الأُولى، مِيمًا ثَالِثَةً لإِقامة الْوَزْنِ، وَكَمَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ عَلَيْهِ فِي هَذَا كَذَلِكَ لَا حُجَّةَ لَهُ عَلَيْهِمْ أَيضًا فِي قَوْلِ الْآخَرِ:
إنَّ شَكْلي، وَإِنَّ شَكْلَكِ شَتَّى، ... فالْزمي الخُصَّ، واخْفِضي تَبْيَضِضِّي
بِتَسْكِينِ اللَّامِ الْوُسْطَى، لأَن هَذَا أَيضًا إِنَّمَا زَادَ

1 / 255