139

Lessons of Sheikh Ahmad Fareed

دروس الشيخ أحمد فريد

Türler

الاعتبار بسرعة زوال الدنيا وتبدد زينتها وزخرفها قال ﷿: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ﴾ [القصص:٨٠ - ٨١]، والفاء للتعقيب، وهي إشارة إلى سرعة زوال الدنيا كما قال ﷿: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ [النساء:٧٧]، وقال ﷿: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ﴾ [القصص:٨١]. وهذه عاقبة كل جبار وكل متكبر وكل باغ: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ﴾ [القصص:٨١] أي: به وبماله وخزائنه وقصره، فصار عبرة للمعتبرين ومن لم يعتبر بغيره صار عبرة لغيره، والسعيد من اعتبر بغيره والشقي من اعتبر بنفسه، قال ﷿: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ﴾ [القصص:٨١]. فإذا جاء عذاب الله ﷿، وإذا جاءت نقمة الله ﷿ لا يستطيع من على وجه الأرض أن يردوا عذاب الله أو يحمي الطاغي الباغي من عذاب الله ﷿ أو من انتقام الله ﷿، قال الله ﷿ عنه ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ﴾ [القصص:٨١ - ٨٢]، فهنا علموا والعبرة أن تعلم وأن تعتبر قبل أن ينزل عذاب الله ﷿، فالفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم وإذا أدبرت عرفها كل جاهل، فهؤلاء ما عرفوا ذلك إلا بعد وقوع عذاب الله ﷿ بـ قارون، قال ﷿: ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ﴾ [القصص:٨٢]، فقوله: (ويكأن) (وي) أداة للتعجب والندم، وكأنهم ندموا على مجرد هذا الظن، وعلى مجرد هذا التمني وقالوا: بأنهم كان يمكن أن يخسف بهم؛ لأنهم تمنوا ما فيه قارون مع أنه كان من البغاة وكان من الكافرين وكان من المتكبرين فتمنوا ما هو فيه. فعند ذلك قالوا: ﴿وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ [القصص:٨٢] أي: لا يفلحون في الدنيا ولا في الآخرة والعاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة. فهذه عبرة كيف تزول الدنيا سريعًا عن أصحابها الذين يغترون بها ولا يعملون للآخرة ولا يبذلون في طاعة الله ﷿ ولا يستعملون نعم الله ﷿ عليهم في التقرب إلى الله ﷿، ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ﴾ [القصص:٨٢] أي: ليس بسط الرزق علامة على رضا الله، وليس تأخير الرزق علامة على سخط الله ﷿، فليس الأغنياء هم الذين رضي الله ﷿ عنهم والفقراء هم الذين سخط الله ﷿ عليهم كما يظن أهل الكبر وأهل الغرور من الدنيا، ﴿وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ [القصص:٨٢]. ثم عقب الله ﷿ هذه القصة بآية كأنها قانون وكأنها سمة ربانية فقال: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص:٨٣]. فالمتقون عباد الله وأهل الإيمان لا يريدون الدنيا ولكنهم يريدون الآخرة، وما قدر لهم من رزق في الدنيا فلابد أن يأتيهم كما قال النبي ﷺ: (إن الرزق ليطلب ابن آدم كما يطلبه أجله)، وفي بعض الآثار كذلك: (لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه ثم يدركه الموت)، فما قدر له في الدنيا لابد أن يأتيه، ولكنه يطلب الآخرة فهمته أعلى من الدنيا لا يرغب في الحطام ولكنه يرغب في النعيم المقيم ومجاورة رب العالمين، لا يرضى بالدون ولا يبيع الأعلى بالأدنى بيع الخاسر المغبون. ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص:٨٣]. اللهم اهدنا فيمن هديت، وتولنا فيمن توليت، وبارك اللهم لنا فيما أعط

16 / 8