152

Lessons from the Prophet's Mosque by Al-Uthaymeen

دروس الحرم المدني للعثيمين

Türler

تفسير قوله تعالى: (قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين) قال تعالى: ﴿قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ [الزمر:٧٢] (قيل ادخلوا) الفاعل هنا لا يعلم؛ لأن الفعل هنا مبنيٌ لما لم يسم فاعله، فمن القائل؟ يحتمل أن القائل هو الله، ويحتمل أن القائل هم الملائكة: ﴿قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ (أبواب) جمع باب، وعدد أبواب جهنم سبعة، والدليل على أن أبواب النار سبعة: ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ [الحجر:٤٣-٤٤] فيدخلون أبواب جهنم داخرين، صاغرين ذليلين -والعياذ بالله- على أخس ما يكون، حتى إن الرب ﷿ مع كمال رحمته ورأفته إذا قالوا: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ [المؤمنون:١٠٧] ماذا يقول؟ ﴿قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون:١٠٨] وهذا أشد شيء عليهم أن يقول لهم الرب ﷿: ﴿اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ اندحروا، كونوا أذلاء ولا تكلمونِ، فحينئذٍ ييأسون من كل خير، نسأل الله العافية وأن ينجينا وإياكم من عذاب النار. قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [الزمر:٧٢] هل هذا الخلود أبدي أو أمدي؟ والأمدي: هو الذي يكون إلى مدة معينة، والأبدي: الدائم فلا نهاية له. خلودهم أبدي والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [هود:١٠٧] . القول الراجح الذي لا ينبغي العدول عنه: أن أهل النار مخلدون فيها أبد الآبدين: ﴿لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ [الزخرف:٧٥]، حتى إنهم يقولون: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ﴾ [غافر:٤٩] ما قالوا: يرفع عنا العذاب يومًا واحدًا، قالوا: يخفف، ولكن لا يجابون ولا يطاعون، إذًا: هم خالدون فيها أبد الآبدين، والدليل ثلاث آيات من كتاب الله، فقد قال الله تعالى في سورة النساء: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [النساء:١٦٨-١٦٩] هذا نص صريح. وقال تعالى في سورة الأحزاب: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا﴾ [الأحزاب:٦٤-٦٥] . وقال تعالى في سورة الجن: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الجن:٢٣] . وإذا كان الله ﷿ قال ذلك في كتابه في ثلاث آيات من كتاب الله فلا عدول لنا عن ذلك إطلاقًا. فإن قال قائل: ماذا نجيب عن قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [هود:١٠٧]؟ قلنا: الجواب عن هذا: أن قوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ [هود:١٠٧] يعني: أن مكوثهم كان بمشيئة الله، ولا يمكن أن نثبت حكم هذه الآية التي فيها احتمال آخر وندع آيات فيها التصريح بالتأبيد.

6 / 8