Lessons by Sheikh Yasser Burhami

Yasser Borhami d. Unknown
75

Lessons by Sheikh Yasser Burhami

دروس للشيخ ياسر برهامي

Türler

الأدلة من الكتاب والسنة على مراتب الإيمان بالقضاء والقدر ونحن نريد أن نسمع هذه المراتب كأدلة من الكتاب والسنة؛ لأن سردها فقط لا يكفي ولا يؤثر في القلب ذلك التأثير العظيم الذي تؤثره تلاوة وبيان ما ذكره الله ﷿ وذكره الرسول ﷺ؛ لأن القرآن والسنة لم يذكرا هذه المراتب كعلم نظري أو فكر عقلي، وإنما كإيمان يحل في القلب ويتأثر به العمل، فإن الإيمان -كما نعلم- قول وعمل، فتلفت الطريقة القرآنية والنبوية أنظار العباد إلى أمور معينة لابد أن تلتفت لها القلوب لتحيا بالإيمان، وتمتلئ بالنور الذي أنزله الله ﷿، قال ﷾ في بيان علمه ﷿: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ * وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى﴾ [الأنعام:٥٩ - ٦٠]، هكذا تناولت هذه الآيات عدة مراتب للقدر، حيث ذكر الله علمه وكتابته للمقادير، ولكن انظر وتأمل كيف ذكر هذا الأمر؛ لتتفكر في سعة علم الله: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ﴾ [الأنعام:٥٩]، والقرآن خير ما يفسر به القرآن، فقد قال ﷿ في الآية الأخرى في بيان مفاتيح الغيب التي ذكرها في هذه الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان:٣٤]، فهذه خمس مفاتيح استأثر الله بهن، فلا يعلمهن ملك مقرب ولا نبي مرسل، فقد سأل جبريل النبي ﷺ عن الساعة في حديث جبريل المشهور في الإيمان والإسلام والإحسان فقال النبي ﵊: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل، ولكن أحدثك عن أماراتها في خمس لا يعلمهن إلا الله، وتلا: «إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ» [لقمان:٣٤])، فبين الرسول ﷺ أن أعلى البشر قدرًا ومنزلة هو النبي ﵊، وأعلى الملائكة قدرًا ومنزلة هو جبريل ﵇، ولكنهما لا يعلمان شيئًا من هذه الخمس، ولكن أخبر النبي جبريل عن بعض أمارات الساعة: (أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان)، لكن ذلك لا يعني أن واحدة من هذه الخمس يعلمها الناس، ولكن أحدثك عن أماراتها في خمس لا يعلمهن إلا الله، ولو أخبرت ببعض المقدمات أو ببعض الأمور عن الساعة فلا تزال الساعة غيبًا، أي: لا تزال الساعة من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، والخمس كلها كذلك، فلا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل، يقول تعالى: «إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ»، ونحن نقطع ونؤمن يقينًا بقيام الساعة، ولكننا لا ندري متى يقع ذلك، ولذلك إذا سمعت من يقول: الساعة تقوم يوم كذا وكذا، أو بقي على ظهور الدجال مثلًا سنتان أو ثلاث، أو بقي على نزول ابن مريم خمسة عشر سنة، أو حتى خمسمائة سنة، أو بقي من قدر الدنيا كذا سنة فاعلم أنه ضال وجاهل؛ لأنه لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله، والأمر نسبي في القرب والبعد، فمنذ زمن النبي ﵊ قوله تعالى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ [القمر:١]، بل هي أقرب من زمن أبعد من ذلك، ففي الحديث الصحيح في سنن أبي داود: (أن آدم ﵇ لما عرضت عليه ذريته أعجبه وبيص ما بين عيني رجل منهم من النور، فقال: من هذا؟ قال: هذا رجل أو نبي في آخر الزمان من ذريتك يقال له: داود)، فمن أيام سيدنا داود وهو آخر الزمان، فالأمر نسبي، والرسول ﷺ قال: (بعثت أنا والساعة كهاتين) قال ذلك قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة، إذًا: فلا يستطيع أحد أن يعلم متى تقوم الساعة، لا بالتقريب ولا بالتبعيد؛ لأنه لا يعلم ذلك إلا الله، ولذلك لا تصدقن أحدًا يقول لك: قبل أن تنتهي سنة كذا سوف تقع العلامات الكبرى التي هي ظهور الدجال أو نزول عيسى بن مريم، فكل هذا من الغيب؛ لأن ذلك مما يكسبه الناس غدًا: «وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا»، فلا يعلم ما في غد إلا الله، وكما تقول عائشة: من حدثكم أن محمدًا ﷺ يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية. وهذه قضية عظيمة الأهمية؛ لأن البعض يظن أن الرسول ﷺ قال ذلك تواضعًا أي: أنه لا يعلم وقت الساعة تواضعًا، أو أنه لا يعلم الغيب تواضعًا، لكن الأمر ليس كذلك فالرسول ﵊ لا يعلم مفاتيح الغيب، ولكنه أخبر عن غيبيات، فلا تخرج مفاتيح الغيب الخمس عن كونها غيبًا، وهذه المفاتيح الخمس استأثرها في علمه ﷾، وقوله تعالى: «وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ»، فوقت نزول الغيث لا يعلمه إلا الله.

8 / 10