187

Lessons by Sheikh Yasser Burhami

دروس للشيخ ياسر برهامي

Türler

كيفية تحزيب الصحابة ﵃ للمصحف وبيان المفصل منه
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﷺ.
أما بعد: روى الإمام مسلم ﵀ عن أبي وائل قال: (جاء رجل يقال له: نهيك بن سنان إلى عبد الله -يعني: عبد الله بن مسعود ﵁ فقال: أبا عبد الرحمن! كيف تقرأ هذا الحرف: ألفًا ترده أم ياء: ﴿مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ [محمد:١٥] أو: (من ماء غير ياسن)؟ قال: فقال عبد الله: وكل القرآن قد أحصيت غير هذه؟!) ففهم من هذا الرجل أنه متكلف، ولذلك زجره، ليس لأن السؤال عن القراءات مذموم، ولكن لأن هذا فيه تكلف، ثم قال: (إني لأقرأ المفصل في ركعة).
والمفصل من أول (ق) إلى آخر المصحف، أو من الحجرات إلى آخر المصحف على قولين؛ فإن الصحابة ﵃ كانوا يحزبون القرآن ثلاثًا، وخمسًا، وسبعًا، وتسعًا، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، والمفصل، فكانوا يحزبون القرآن على سبعة أيام على طول السنة، فأكثر الصحابة كانوا يختمون القرآن كل سبعة أيام متواصلة، كما ذكر ذلك النووي في التبيان، فالصحابة ﵃ كانوا يفعلون ذلك على الدوام، فهذا عبد الله بن عمرو بن العاص كان من أجل أن يخف عليه بالليل يراجعه في الصباح، أي: كان يقرؤه في النهار ليخف عليه في الليل؛ من أجل ألا يغلط.
فكانوا يحزبون القرآن كالآتي: الفاتحة والبقرة وآل عمران، أو البقرة وآل عمران والنساء، فإذا عدوا الفاتحة فتكون سورة (الحجرات) هي أول المفصل، وإذا لم يعدوا الفاتحة من ضمن التحزيب فتكون (ق) هي أول المفصل، الأكثر على أن أوله (ق) والحزب الثاني يشمل سور: المائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة، والذي يليه يشمل سبع سور، وهي: يونس، هود، يوسف، الرعد، إبراهيم، الحجر، النحل، والذي بعده يشمل تسع سور أولها الإسراء وآخرها الفرقان، والذي بعده يشمل إحدى عشرة: أولها الفرقان وآخرها (يس)، والذي بعده يشمل ثلاث عشرة من الصافات إلى المفصل، والحزب الأخير المفصل.
ذفالرجل قال لـ عبد الله: إني لأقر المفصل في ركعة، فقال عبد الله: (هذًا كهذ الشعر! إن أقوامًا يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم) أي: أنك تقرؤها كأنك تقرأ شعرًا أي: أنها قراءة سريعة.
وقوله: (إن أقوامًا يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم) التراقي: جمع ترقوة وهي العظم الذي في الرقبة، يعني: التي هي أصول الحنجرة، أي: أنه لم يتجاوز الحناجر، فالقرآن لم يجاوز حناجرهم، وهؤلاء هم الخوارج وكل من لم يتدبر، كما جاء في الرواية الأخرى.
قال: (ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع) وهذا هو المقصود: أن يقع القرآن في القلب، وأن أفضل الصلاة طول الركوع والسجود.
هذا مذهب عبد الله رضي الله تعالى عنه.
والصحيح: أن النبي ﷺ فضل طول القيام على السجود، كما قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: (أفضل الصلاة طول القنوت)، وقال ﷿: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة:٢٣٨]، فطول القنوت هو طول القيام.
وينبغي أن يكون الركوع والسجود قريبًا من القيام، قال النبي ﷺ: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد).
قال: (وإن أفضل الصلاة الركوع والسجود، وإني لأعلم النظائر التي كان رسول الله ﷺ يقرن بينهن في كل ركعة.
ثم قام عبد الله فدخل علقمة في إثره، ثم خرج فقال: قد أخبرني بها).
وفي الرواية الأخرى قال: (ثم خرج علينا فقال: عشرون سورة من المفصل في تأليف عبد الله)؛ لأنه في بعض السور التي ستأتي ليست من المفصل في تأليف عثمان ﵁ الذي هو المصحف العثماني الذي هو المصحف الموجود اليوم، أما في تأليف عبد الله في زمن عبد الله فكان يدخل بعض السور في المفصل.
وفي الروايات الأخرى قال: (إني لأعرف النظائر التي كان يقرأ بهن رسول الله ﷺ، اثنتين في ركعة، عشرين سورة في عشر ركعات).

16 / 2