سبب خيرية هذه الأمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
يقول تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران:١١٠] أخرجت هذه الأمة للناس، ماذا تفعل؟ ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [آل عمران:١١٠] بل أمر الله جل وعلا هذه الأمة كلها نساءً ورجالًا، شبابًا وشيبًا، قال الله جل وعلا: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ [آل عمران:١٠٤] أي: لتكونوا كلكم أمة، ما تفعل هذه الأمة؟ ماذا تصنع؟ تلعب؟ تلهو؟ تأكل؟ تشرب؟ تنام؟ تنكح؟ لا، ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [آل عمران:١٠٤].
الفتور في الدعوة: كان رجلًا داعية إلى الله جل وعلا، لا يرى منكرًا إلا أنكره، وزجر عنه، يصدع بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، يدخل في المجالس يذكرهم بالله، إذا ذهب إلى الصلاة ومر في الطريق على بشر قال لهم: الصلاة يا قوم، الصلاة، أذكركم الصلاة، كان إذا خرج من المسجد ورأى منكرًا، لا يتركه إلا أنكره بيده إن استطاع، وإن لم يستطع فبلسانه، كان آمرًا ناهيًا داعيًا إلى الله جل وعلا.
ما الذي أصابه؟!
أصابه الفتور، وبدأ يضعف، بدأ الآن يرى المنكرات فيولي، ويستطيع الكلام لكن لا يتكلم، يدخل في محل فيه الموسيقى والمعازف لا يتكلم، كان في السابق يقف عند الباب، أأطفأتم المعازف والموسيقى وإلا لا أدخل؟ أما اليوم تغير الحال، بدأ يدخل، لا يبالي سواءً أأُطْفِئت الموسيقى أم لَمْ تُطْفَأ، بل بدأ يتطور الأمر، بدأ يجلس مجلسًا فيه المنكر، ويُعمَل فيه بالحرام، ويتكلم فيه بالإثم، وهو مبتسم، لا يبالي!
ما الذي جرى؟! ما الذي حدث؟!
أكثر من هذا: بدأ يتصور الأمر، بدأ يفعل هو المنكر، بدأ يقع فيه: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [التوبة:٧١] أنت وليي وأنت أخي وأنت خليلي، لِمَ؟ لنأمر بالمعروف ولننهى عن المنكر! ولَمْ يَسْتَثْنِ الله جل وعلا النساء، قال: حتى النساء، المرأة في بني جنسها، المرأة في بيتها، المرأة بين قريباتها، داعية إلى الله جل وعلا.
أسمعتَ بـ عائشة كيف حفظت لنا شيئًا كثيرًا من ديننا؟!
كانت تدعو إلى الله جل وعلا، وتُعلم الدين، وكم سمعنا في التاريخ من نساء، كن عالماتٍ، آمراتٍ بالمعروف، ناهياتٍ عن المنكر بين بنات جنسهن.
17 / 2