196

Lessons by Sheikh Muhammad Hassan Al-Dedew Al-Shanqeeti

دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي

Türler

شروط الخليفة في الدولة المسلمة فهذه الشورى إذًا هي وسيلة اختيار حكام المسلمين، فهم يختارون وفق ضوابط شرعية لابد منها، وهي شروط الخليفة، وهذه الشروط عشرة: أولها: أن يكون مسلمًا، فإن كان كافرًا أو منافقًا أو مشكوكًا في عقيدته، فإنه لا يصلح لهذه الإمامة. ثانيًا: أن يكون ذكرًا، فلا تصح إمامة أنثى لقول الرسول ﷺ: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة). ثالثًا: أن يكون حرًا؛ لأنه هو الذي يتصرف في أمور نفسه وسيتصرف في أمور غيره. رابعًا: أن يكون بالغًا؛ لأن الصبي محجور عليه فلابد من البلوغ. خامسًا: أن يكون مجتهدًا في دين الله، فإن كان جاهلًا أو عالمًا مقلدًا لم تصح إمامته، وقد حكى ابن حزم وابن تيمية وابن عبد البر الإجماع على أن المقلد والجاهل لا تنعقد إمامته، وإنما يشترط في الإمامة أن يكون مجتهدًا في دين الله. سادسًا: أن يكون عدلًا، فإن كان فاسقًا لم تنعقد إمامته؛ لأن الله شرط على إبراهيم أن الظالمين لا ينالهم عهده بالإمامة. سابعًا: أن يكون كافيًا؛ لأن هذه الخلافة ليست مقصدًا وإنما هي وسيلة، ويضمن بها الوصول إلى أهداف محددة هي إعلاء كلمة الله تعالى وإعزاز دينه، وإظهار الحق، ونصرة المظلوم، وإقامة الحدود، وجهاد أهل الكفر، فإذا لم يستطع القيام بذلك لم يكن خليفة قطعًا، فلابد أن يكون كافيًا للقيام بمهمته، ولهذا قال ابن بدران ﵀: إن الحاكم المسلم الذي هو تحت إدارة المشركين لا يكون إمامًا للمسلمين؛ لأنه غير قادر على إنصاف المظلوم من الظالم، وغير قادر على جهاد العدو، وغير قادر على إقامة الحدود ولا على غير ذلك. ومن هنا فإن الذين يمارسون السلطة في كثير من بلاد الإسلام عاجزون عن اتخاذ القرارات في كثير من الأمور، وإذا سئلوا عن السبب في تعطيلهم لأحكام الله ﷾ واستبدالهم لها بأحكام الطاغوت، قالوا: نحن ليس لنا من الأمر شيء، فمن ليس له من الأمر شيء لا يكون إمامًا قطعًا ولا يكون خليفة، من هو تحت الضغط المطلق كيف يكون إمامًا وخليفة على غيره؟! الشرط الثامن: أن يكون سميعًا بصيرًا متكلمًا، فإن كان ناقص القوى لم تنعقد إمامته؛ لأنه لا يستطيع القيام بمصالح نفسه، فكيف توكل إليه مصالح أمة محمد ﷺ ومصالح الدين بكامله. تاسعًا: أن يكون شجاعًا؛ لأنه إذا كان جبانًا لم يستطع القيام بمهمته، ولابد لمن يتولى الخلافة أن يستشعر مسئوليته، وأن يعلم أنه النائب عن رسول الله ﷺ، ولهذا فإن الخلافة تعريفها الفقهي: هي النيابة عن صاحب الشرع في إقامة الدين وسياسة الدنيا به. النيابة عن صاحب الشرع، يعني: الرسول ﷺ. في إقامة الدين وسياسة الدنيا به، أي: بالدين، فمن لا يستطيع ذلك ولا يجرؤ عليه لا يمكن أن يكون خليفة، ومن هنا تذكرون قول عمر بن الخطاب ﵁ في رجوعه من الحجة عندما وقف على ضجنان، فقال: لا إله إلا الله كنت أرعى إبلًا للخطاب على ضجنان، فكنت إذا أبطأت ضربني وقال: ضيعت، وإذا عجلت ضربني وقال: لم تعش، ولقد أصبحت وأمسيت وليس بيني وبين الله أحد أخشاه -فهذا هو مقام الخلافة-، ثم أنشأ يقول: لا شيء مما ترى تبقى بشاشته يبقى الإله ويفنى المال والولد لم تغن عن قيصر يومًا خزائنه والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا ولا سيلمان إذ تجري الرياح له والجن والإنس فيما بينها تفد أين الملوك التي كانت لعزتها من كل صوب إليها وافد يفد حوض هنالك مورود بلا كذب لابد من ورده يومًا كما وردوا الشرط العاشر من هذه الشروط: أن يكون قرشيًا، معناه أن يكون من ذرية فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة، وهذا الشرط المقصود به تحقيق هذه العصبية لدين الله ﷾؛ وقريش اختار الله منهم النبي ﷺ، واختارهم اختيار اصطفاء من عموم الناس، كما ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: (إن الله اصطفى إبراهيم من ذرية آدم، واصطفى من ذرية إبراهيم إسماعيل، واصطفى من إسماعيل قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، وجعلني من بني هاشم في المحل الأسمى، فأنا خيار من خيار من خيار ولا فخر)، فهذا الاصطفاء يقتضي اختيارًا ربانيًا قد لا نستشعره نحن ولا ندركه لكنه موجود، اصطفاء رباني في قريش، وهذا الاصطفاء يقتضي منهم حرصًا على الدين واستعدادًا لبذل الأنفس والأموال في سبيله بخلاف من سواهم. هذه الشروط يلزم من عدمها العدم مثل كل الشروط الشرعية؛ لأن الشرط ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته كالطهارة للصلاة، فإذا اختلت هذه الشروط فانتصب أي إنسان وقال: أنا خليفة، فهو بمثابة من يصلي بدون طهارة، فخلافته باطلة كما أن صلاته لو صلى بدون طهارة باطلة.

7 / 5