Dersler - Şeyh Muhammed Hasan Abdülgaffar

Muhammad Hassan Abdul Ghafar d. Unknown
88

Dersler - Şeyh Muhammed Hasan Abdülgaffar

دروس الشيخ محمد حسن عبد الغفار

Türler

محبة الله جل وعلا والأدب الثالث الذي لا بد أن يتأدب به طالب العلم: محبة الله جل وعلا، وأن تتخلل محبة الله في مسالك الروح، فإن المحرك القوي والباعث الشديد والوازع القوي في قلب الإنسان الذي يحركه: هو حب الله جل في علاه، فتهون على المرء الدنيا بأسرها، إذ الإنسان يترك ما هو محبوب له لما هو أحب، فإن ترك الإنسان الدنيا وزخارفها وزينتها وسلطتها وكل ما فيها من الشهوات، فإنه يترك ذلك لأنه يركن إلى ما يصبو إليه في الآخرة عند ربه جل في علاه، فترك هذا المحبوب لما هو أحب إليه من الخلود في النعيم، مع حور العين، والتمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم، ورضا الرحمن ﷾ فلا يسخط عليه أبدًا، فإن المرء إذا عمق محبة الله جل في علاه في قلبه فإنه لن يتحرك إلا لله، ولسان حاله يقول: أنا لله وبالله ومع الله، ولذلك كان رسول الله ﷺ دائمًا يسأل ربه جل في علاه فيقول: (اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك)؛ لأن حب الله جل وعلا يحرك كل ساكن، وحب الله جل في علاه يشعل الإيمان في قلب الإنسان، وحب الله في قلب الإنسان يجعله يبيع كل غال ونفيس، ويجعله يبذل روحه لله جل في علاه، ويجعله يقطع الأمصار جميعًا من أجل حمل هذه الشريعة، ويجعله يرفع راية لا إله إلا الله ويرى أن دمه رخيصًا إذا انصب تحت هذه الراية. فلا بد لطالب العلم أن يعود نفسه ويدربها على حب الله، والباعث لحب الله في قلب الإنسان أمور ثلاثة: معرفة عظمة الله جل وعلا، ومعرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا، وكيف يتعبد الإنسان بهذه الأسماء الحسنى والصفات العلى. فلو تدبرت مثلًا في اسم الله جل في علاه اللطيف، ثم تعبدت لله بهذا الاسم؛ والله الذي لا إله إلا هو سيمتلئ قلبك من حب الله جل وعلا، ما معنى اللطيف؟ اللطيف: هو الذي أخفى الأشياء في أضدادها، مثل: الاضطرابات التي تنزل بالمسلمين، والبلايا والمهالك التي تحيط بالمسلمين، فالله لطيف يخفي الأشياء في أضدادها، ويجعل المحن التي تتولد منها المنح، وكان رسول الله ﷺ إذا اشتد عليه الأمر أشد ما يكون يرجو الفرج، فعندما تكالب عليه أهل الكفر في غزوة الأحزاب من قريش وغطفان واليهود وتحزبوا على رسول الله ﷺ، ووقفوا خطًا واحدًا أمام رسول الله، وصارت محنة أشد ما تكون، وقد صورها الله جل وعلا أحسن تصوير فقال: ﴿وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ [الأحزاب:١١]، قال أحد الصحابة: وكان أحدنا يخشى أن يقضي حاجته! ومع ذلك رسول الله ﷺ يحمل المعول ثم يضرب الصخرة فيقول: (الله أكبر! أوتيت كنوز كسرى وقيصر) يقين في الله جل في علاه، فهذه المحنة العظيمة التي تحسبون أنها مهلكتكم سيأتي النصر منها، وقد غنمت كنوز كسرى وقيصر في عهد عمر بن الخطاب ﵁ وأرضاه. ولما رد الله جل وعلا الكافرين بغيظهم لم ينالوا خيرًا قال رسول الله ﷺ: (الآن نغزوهم ولا يغزونا)، وكأن الأمر قد كتب في اللوح المحفوظ أن النبي ﷺ عندما استيقن بربه وتدبر في أسمائه الحسنى وصفاته العلا وعلم أن الله جل وعلا ردهم بغيظهم فإن الله قد مكن له من الآن، فقال رسول الله ﷺ: (الآن نغزوهم ولا يغزونا). فطالب العلم إذا تدبر أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، والله الذي لا إله إلا هو لن يجد نفسه إلا وهو يبيع نفسه رخيصة في رضا الله جل في علاه، وأفضل الناس على الإطلاق في هذه الدنيا مشارقها ومغاربها العلماء والمجاهدون، فما أحد يقارن هؤلاء في الفضل، فالعالم من أفضل الناس لأنه يبين مراد الله ويبين مراد رسول الله، والآخر يجاهد من أجل أن يثبت مراد الله ومراد رسول الله ﷺ، ولذلك قال لقمان لابنه وقالها ابن مسعود أيضًا: كن عالمًا أو متعلمًا أو محبًا لأهل العلم، ولا تكن الرابع فتهلك، ومصداق هذا قول الرسول ﷺ: (الدنيا ملعونة)، والزهد لا يرتبط بالغنى ولا بالفقر، قالوا للإمام أحمد: هل يكون الغني زاهدًا؟ قال: نعم. قالوا: ما الزهد يا إمام؟! قال: إذا أخرجت درهمًا فلا تنظر إليه وإذا أدخلت درهمًا فلا تنظر إليه، بمعنى أنك إن أدخلت آلافًا في حصيلتك لا يؤثر ذلك في قلبك، ولو أخرجت آلافًا منها فلا يؤثر أيضًا في قلبك؛ لأنك تعامل الرب الكريم، فكلما أخرجت درهمًا فعندك آلاف مؤلفة عند الله جل في علاه، وكلما دخلت عليك الآلاف قلت: هذا من فضل الله ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ﴾ [النحل:٥٣]، فتستخدمها فيما يرضي الله جل في علاه، وللإنسان أن يلتمس الغنى ليستخدمه في رضا الله جل في علاه. قال النبي ﷺ: (الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما ولاه وعالمًا ومتعلمًا)، والجملة التي في الوسط هذا الحديث ترتبط بالشطر الأخير؛ لأن الإنسان لا يذكر الله ولا يتدبر ذكر الله إلا إذا كان عالمًا أو متعلمًا. قال على بن أبي طالب ﵁ وأرضاه: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع. فالغثائية لا تساوي أي شيء، ونحن الآن كما وصفنا النبي ﷺ وكأن لوح الغيب فتح له فقال: (ولكنكم غثاء كغثاء السيل)، وأيضًا أخبر بأن من علامات الساعة: أن يقل العلم، فقال: (ينتشر الجهل، ويرفع العلم، وينتشر الزنا)، فهذه أمور كأنها من الغيب ألقاها رسول الله ﷺ علينا لنعلم أن طريق النجاة هو العلم، فلنعض عليه بالنواجذ، وكأن الإنسان يقبض على جمر فلا يتركه أبدًا فإن نجاته في ذلك.

10 / 6