Dersler - Şeyh Muhammed Hasan Abdülgaffar
دروس الشيخ محمد حسن عبد الغفار
Türler
التكفير حق محض لله تعالى، والأمثلة على ذلك
إن التأصيل الأول: هو أن التكفير حق محض لله جل وعلا لا دخل للإنسان فيه، ومثله مثل التحليل والتحريم، قال الله جل وعلا: ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ﴾ [النور:٥٤].
فالرسول عليه أن يبلغ، فمن انصاع له وقال: آمنت بالله وآمنت برسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فقد دخل حظيرة الإسلام، فلا يجوز لأحد أن يخرجه منها؛ لأنه حق محض لله جل في علاه.
ومن الأدلة على ذلك: ما قاله النبي ﷺ عندما قال الرجل: اللهم ارحمني وارحم محمدًا ولا ترحم معنا أحدًا أبدًا فقال له: (حجرت واسعًا) فالرسول ﷺ أنكر عليه ذلك؛ إذ أن هذا ليس حقًا له، بل هو حق لرب البرية جل في علاه، فليس له أن يحجر هذا الواسع، ولذلك قال له النبي ﷺ: (حجرت واسعًا) منكرًا عليه إياه، على أن هذا حق محض لله جل وعلا.
وأيضًا ما قصه علينا النبي ﷺ كما في الصحيحين: (عن رجل من بني إسرائيل أنه كان يمر على أخ له يرتكب المعاصي، فيقول له: يا رجل! يا فلان! ارجع إلى ربك واستغفر ربك، ثم في الثانية والثالثة والرابعة يجده على هذا الذنب، فقال له: والله لا يغفر الله لك أبدًا)، فالنبي ﷺ يبين لنا أن الله أنكر عليه أشد إنكار؛ إذ إن التكفير ومغفرة الذنوب ودخول الجنة والحرمان من الجنة ودخول النار حق محض لله، فقال: النبي ﷺ يبين لنا أن الله قال: (من ذا الذي يتألى علي) واشتد النكير بأن قال له: (قد غفرت له وعذبتك أنت)، أو كما قال النبي ﷺ مبينًا لنا أن هذا حق محض لله جل في علاه.
إذًا: فالقاعدة الأولى التي يجب أن يعرفها طالب العلم قبل أن يتجاسر على التكفير هي: أن هذا التكفير حق محض لله، ومن لوازم ربوبية الله، ومن نازع الله في ربوبيته فهو على هلاك مبين، وعلى خطر عظيم، ولا يخاض في ذلك إلا بدليل أوضح من الشمس.
وهناك مثال ثالث يوضح لنا أن هذه المسألة حق محض لله، وأن الذي يتجاسر عليها منازع الله في ربوبيته، فـ أسامة بن زيد ﵁ وأرضاه كما في الصحيحين عندما أغاروا على قوم فأعملوا فيهم القتل، ففر رجل منهم، فقام أسامة يشتد عليه حتى قتله، والرجل يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فرجع إلى النبي ﷺ فذكر له ذلك، فقال النبي ﷺ: (أقتلته بعدما قالها؟) يعني: بعدما قال: لا إله إلا الله.
ومعنى ذلك: أنه إذا قال: لا إله إلا الله فقد دخل في حظيرة الإيمان، فلا يجوز أن تخرجه من حظيرة الإيمان بحال من الأحوال، وليس لك أن تكفره بحال من الأحوال، لأن هذا حق محض لله جلا وعلا.
فقال: (أقتلته بعدما قالها؟ قال: يا رسول الله ما قالها إلا متعوذًا) كأنه اجتهد في ذلك اجتهادًا، ويظهر أن هذا الرجل نافق خوفًا من القتل، فقال: النبي ﷺ مكررًا معاتبًا منكرًا إنكارًا شديدًا على أسامة (أقتلته بعدما قالها؟ ثم قال له في الثالثة: ماذا تفعل بلا إله إلا الله يوم القيامة) وندم أسامة ندمًا شديدًا على ذلك.
فالنبي ﷺ يؤصل له أصلًا وهو: أن من دخل في الإيمان فلا يصح لأحد أن يكفره، ولا أن يخرجه من حظيرة الإيمان بحال من الأحوال إلا بدليل أوضح من شمس النهار، كأن يخبرنا الله ببينة واضحةٍ أن هذا كافر، مثل فرعون، وكذلك أبي لهب وأبي جهل، قال تعالى: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾ [المسد:١ - ٣].
فقد بين الله قطعًا أنه من أهل النار، وأنه كافر، وكذلك اليهود والنصارى بين الله كفرهم في كتابه، فمن لم يكفرهم بعدما علم أن الله قد كفرهم فإنه يخرج من حظيرة الإيمان.
ومن الأمثلة التي تثبت ذلك، وتثبت التأصيل الذي أصله النبي ﷺ لأصحابه جميعًا: (عندما نافق الرجل وقال لرسول الله ﷺ: هذه قسمة ما ابتغي بها وجه الله جل في علاه، فقال خالد: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي ﷺ: لعله يصلي، فقال خالد: كم من مصل يفعل ما لا يعتقد، أو يقول ما لا يعتقد، فأصل له النبي ﷺ تأصيلًا علميًا يتعلمه طالب العلم، ويعلم -وهو أحرى بذلك- أن النبي ﷺ لا يتجاسر على تكفير أحد، فمن باب أولى: العلماء، ثم من باب أولى: طلبة العلم، ثم من باب أولى: أصاغر طلبة العلم، فلا يتجاسرون على هذه المسألة العظيمة التي تجعلهم يقعون في خطرٍ عظيم إذا تجرؤا عليها، فقال النبي ﷺ: (ما أمرت أن أشق عن القلوب) أي: أن الحكم على القلوب ليست إلي، بل هي إلى الله وحق محض له.
إذًا: فالنبي ﷺ يؤصل لنا: أن من دخل دائرة الإسلام لا يجوز أن تقول عليه: كافر إلا بدليل أوضح من شمس النهار، وهذا مثل عظيم ضربه النبي ﷺ لـ خالد، وقد ضربه النبي ﷺ لبعض أصحابه كـ عمر وأسامة، وضربه النبي ﷺ لنا؛ حتى نتبين أمرنا ونعلم أنه لا يجوز لنا أن نتجاسر على مسألة التكفير.
25 / 4