Lessons by Sheikh Muhammad Al-Mukhtar Al-Shanqiti

Muhammad Ibn Muhammad Al-Mukhtar Al-Shinqiti d. Unknown
92

Lessons by Sheikh Muhammad Al-Mukhtar Al-Shanqiti

دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي

Türler

ابتاع العلم بالعبادة والقول بالعمل كذلك أيضًا مما ينبغي لطالب العلم: أن يشوب علمه بالعبادة، والقول بالعمل، وأن يحرص على أن تكون بينه وبين الله عبادات من الحرص على ذكر الله ﷿، وحسن عبادته، ومن ذلك كثرة تلاوة القرآن، فما عرف لأهل العلم شيء أعظم بركة ولا خيرًا من كتاب الله ﷿. فطالب العلم ينبغي عليه أن يكون له حظ من كتاب الله وافر، فيكثر من تلاوة القرآن وتدبره، والخشوع عند سماعه وتلاوته، فإن الله يبارك له في علمه، وإذا استطاع طالب العلم ألا يمر عليه أسبوع أو لا تمر عليه ثلاث ليالٍ إلا وقد ختم القرآن فذلك خير كثير. كم من الأوقات يجد الإنسان نفسه فيها في سراب! كم من الأوقات يجد الإنسان فيها نفسه صامتًا! وكم من الأوقات يجد الإنسان نفسه فيها متحدثًا بما لا خير فيه من فضول أحاديث الدنيا! فليشغل وقته بذكر الله، وأطيب الذكر وأفضله كتاب الله ﷿؛ لأن الله يحفظ به دينه؛ ويسدد به قوله؛ ويصوب به عمله. القرآن نعم المؤنس في الوحشة! ونعم المعلم من الجهالة! ونعم الهادي من الضلالة! فهو نور من الله ورحمة، فمن استبصر بالقرآن سلمت بصيرته، ومن اهتدى بالقرآن تمت هدايته. اللهم اجعلنا من أهل القرآن، واجعله ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا يا حي يا قيوم! وأسعد الناس نجاة من الفتن من أكثر من تلاوة القرآن، وبالأخص أن يكون له حظ من قيام الليل، وليسأل كل طالب علم كم للقرآن من حظ في ليله؟! وكم يعطي القرآن في قيامه بالليل ومن ساعات ليله؟! فإذا وجد خيرًا حمد الله ﷿، وسأل الله الثبات، وإذا وجد التقصير كمل نقصه وجبر كسره. يا طالب العلم: لابد لك من قيام الليل؛ فإنه روحك ومدد من الله لك؛ وفيه خير لك في الثبات إذا عظمت الفتن وكثرت المحن؛ لأن الله يحفظ عبده بدعائه وسؤاله وعبادته، فمن تهجد بالليل حفظ الله له دينه في النهار وعصمه، ولذلك قال تعالى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل:٦]. وكان العلماء والأئمة يوصون طلاب العلم بالمحافظة على قيام الليل، فليسأل كل طالب علم نفسه كم يقوم من الليل؟! وفي كم يختم كتاب الله ﷿؟! عيب على طالب العلم ألا يكون قوامًا لليل! وعيب على طالب العلم ألا يكون ذكارًا لله! وألا يكون صوامًا للإثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر! وألا تكون عنده عبادات بينه وبين الله فكيف يذكر الناس غدًا؟! ولذلك تجد بعض من يتصدر للوعظ وتذكير الناس في إمامته وخطبته أو في بعض مجالسه -وليست عنده عباده- تجده يقول قولًا لا يجد طعمه في قلبه، وكثيرًا ما يشتكي البعض، يقول: أنا أذكر الناس وأجد الغفلة! نعم، لم يذكر الناس أحد بلسانه! ولن تنفع الذكرى إذا كانت باللسان دون الجوارح والأركان! فكيف يُخشع الإنسان القلوب ويذكر بالله علام الغيوب وهو أغفل الناس عن ربه؟! وكيف يكون هاديًا مهديًا واعظًا مؤثرًا إذا كان لا يقوم الليل، ولا يصوم النهار، ولا يتلو القرآن إلا هجرًا أو بعد مدة طويلة؟! كيف يكون لأقواله ومواعظه أثر في النفوس؟! نسأل الله السلامة والعافية! ولذلك استضاف الإمام أحمد بعض طلابه، فوضع عنده الماء بعد صلاة العشاء ثم نام الإمام أحمد، فلما كان الفجر وجد الماء لم يتغير، فعلم أن هذا الطالب لم يقم الليل، فصار يتعجب الإمام أحمد ويقول: طالب علم لا يقوم الليل! فمن يريد أن يطلب العلم عليه أن يعلم ما هي حقوق طلب العلم؟! وأين مكان طالب العلم في العبادة وفي النزاهة وفي التحفظ وفي الصيانة؟! إن الجلوس في مجالس العلماء له حق، والتأدب بصحبة العلماء له حق، فأنت غدًا الأمل فيك -بعد الله ﷿ أن تكون للأمة في قولك وعملك، فمن اختار الخير في بداية طلبه للعلم، واختار الذكر والطاعة والاستقامة، وأصبح له لسان ذاكر، وقلب شاكر، وإنابة صادقة لله ﷿، وخشية لله ﷾، ووطن نفسه على محاسن الأمور من العبادات الصالحة والكلمات الطيبة، واستقام لربه كما ينبغي أن تكون الاستقامة، فإنه بإذن الله سيبارك له في علمه ودعوته غدًا. إن الله مطلع على القلوب والقوالب، ومطلع على السرائر والضمائر، والله لا يخادع، ولن ينال الله من عباده القول والعمل فالله غني عن خلقه، قال تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ [الحج:٣٧]. فعلى طالب العلم أن يوطن نفسه بأن يكون كما ينبغي أن يكون عليه من طلب العلم، تجد من ينتسب إلى العلم من طلاب العلم يقول: أنا في قسوة! أنا في غفلة! أجد ضيقًا! أجد همًا! حتى أصبح بعض طلاب العلم مثل العوام يشتكي مما يشتكي منه العوام! نعم لأن أحوالنا كأحوال العوام وقد تكون أردأ، وقد تجد في العامة من ذكر الله والخوف منه مالا تجده في بعض طلاب العلم. فعلينا أن نتقي الله ﷿، وأن نوطن أنفسنا لطلب العلم، وعلى طاعة الله ﷿. قال الإمام إبراهيم النخعي -يحكي حال السلف في طلبهم للعلم-: كان الرجل إذا طلب العلم ظهر في وجهه وسمته ودله. مجرد ما كان يجلس الشخص في مجالس العلماء تجد في وجهه نور العبادة، ومن الخشوع والسكينة والوقار مثل ما تجده في العلماء؛ لأن أشبه الناس بالعلماء هم طلاب العلم. إنها وصية لكم ولأنفسنا المراد بها المعونة على طاعة الله ﷿.

6 / 8