Lessons by Sheikh Muhammad Al-Mukhtar Al-Shanqiti
دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي
Türler
الالتزام وحب القرآن والسنة
وإذا أحب الله عبدًا وأراد أن يبارك له في التزامه حبب إلى قلبه كتابه وسنة نبيه ﷺ، فإذا أراد الإنسان أن يرى مقدار حب الله له فلينظر إلى منزلة القرآن من قلبه، فإن وجد أنه يتأثر بالقرآن صدق التأثر، ويشتاق إلى القرآن كمال الشوق، وأن هذا الكتاب يبكيه وعيده وتهديده ويشوقه وعده، فليعلم أن له عند الله مكانة.
إذا أصبح من أهل القرآن المتأثرين بآياته ومواعظه، المحبين لسماعه، والمتلهفين على تلاوته وتدبره، فليعلم أن تلك رحمة من الله ﷾، يصطفي لها من شاء من خلقه وعباده، جعلنا الله وإياكم ذلك الرجل.
إن العبد لا يزال يقرأ القرآن ويحبه حتى يشفعه الله فيه: ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء:٨٨ - ٨٩]، ولا يزال العبد يحب كتاب الله حتى يقر الله عينه بكلامه، وما من إنسان أحب القرآن صدق محبة ورغب فيه بصدق الرغبة إلا تبوأ منزلة عند الله وعند خلقه، ولذلك ترى أهل القرآن أشرح صدرًا وأيسر أمرًا وأكثر ذكرًا، وهم عند الله بمكان، ولقد أخبرنا النبي ﷺ: (أن القرآن يأتي يوم القيامة شهيدًا أو شفيعًا لأصحابه) فنعمت الشهادة من كلام الله ﷻ، ونعمة الشفاعة من كلام الله ﷾، فهو الشفيع الذي لا ترد شفاعته.
والشهيد الذي لا تكذب شهادته! وإذا أراد الله بالملتزم خيرًا حبب إلى قلبه سنة النبي ﷺ، فإذا أردت أن ترى عبدًا بارك الله له في هدايته فانظر إلى ذلك العبد الذي يبحث عن سنة النبي ﷺ، إذا أراد أن يتكلم أخذ يبحث كيف كان النبي ﷺ يتكلم؟ وماذا كان يقول؟ (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت) (المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه) فيكون مسلمًا حقًا قد سلم المسلمون من هناته وزلاته وخطيئاته وعوراته، فإذا تكلم تكلم كما كان النبي ﷺ يتكلم؛ عفيفًا عن أعراض المسلمين، دالًا على الخير، مذكرًا بالله ﷾، فلا تسمع منه إلا الذكر أو الشكر أو كلمة في منافعه الدنيوية، أما ما عدا ذلك فإنه أعف الناس عن قول الحرام، وأبعدهم عن فضول الكلام، فمن يتأسى بهديه صلوات الله وسلامه عليه في الأفعال حتى أنه لا يرفع قدمًا ويضع أخرى إلا وهو يتأسى بالنبي ﷺ في رفعها ووضعها، قال بعض السلف: (إن استطعت ألا تحك رأسك إلا بسنة فافعل) بمعنى أنك لو أردت أن تقوم على شأنك الخاص فلتتذكر أن هديه ﵊ أنه يبدأ باليمين قبل الشمال؛ فتبدأ باليمين قبل الشمال تأسيًا به ﵊.
فإذا وجدت الشاب المهتدي يسأل عن السنة، ويحرص على تطبيقها، ويغشى مجالس العلماء للعلم بها والعمل؛ فاعلم أن الله بارك له في التزامه وهدايته، وإذا وجدته غافلًا عن سنة النبي ﷺ وعن هديه، فإن المحروم من حرم.
2 / 5