Lessons by Sheikh Abdul Rahman Al-Sudais

Abdul Rahman Al-Sudais d. Unknown
64

Lessons by Sheikh Abdul Rahman Al-Sudais

دروس للشيخ عبد الرحمن السديس

Türler

المواقف السلبية تجاه سيرة الرسول فمن الناس من نظر إلى السيرة النبوية على أنها قصص تتلى، وفصول تسرد، دون متابعة واقتداء، فلا تحرك مشاعرًا وقلوبًا، ولا تثير مشاعرًا وهممًا، وأبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي فوق كونه عظيمًا من عظماء التاريخ؛ فإن شرف النبوة وتاج الرسالة هو الذي يحسن له المحبة والاتباع، وإن ارتباطنا برسولنا وحبيبنا ﷺ، وسيرته العطرة؛ ليست ارتباط أوقات ومناسبات، ولا حديث معجزات وذكريات، بل إنه ارتباط وثيق في كل الظروف وعلى جميع الشئون وأحوال الحياة إلى الممات. وشخصية الحبيب المصطفى ﷺ ليست شخصية مغمورة، ولا في ثنايا التاريخ مطمورة، تبرز حينًا وتطوى حينًا، حاشاه ﵊ بأبي هو وأمي، بل إن ذكره يملأ الأفاق، والشهادة برسالته تدوي عبر المآذن والمنابر، وتنطلق عبر الحناجر والمنائر، والمسلم الذي لا يعيش الرسول ﷺ في ضميره، ولا تتبعه بصيرته في عمله وتفكيره في كل لحظة من لحظاته؛ لا يغني عنه أبدًا التغني بسيرته، ولا صياغة النعوت في مدائحه، وليس هناك أعلى من مدح ربه جل وعلا له وثنائه عليه، فقد رفع ذكره، وأعلى في العالمين قدره، وشرح صدره، ووضع وزره، وما جنح بعض المسلمين إلى مثل هذا اللون في الإفصاح عن تعلقهم بنبيهم إلا يوم أن أعياهم القيام بالعمل، وتركت نفوسهم العزمات، واستسلموا للتواني والكسل، فالجهد الذي يتطلب العزائم هو الاستمساك والاقتداء، فبدلًا من التغني والترنم ينهض المسلم الجاد إلى تقويم نفسه، وإصلاح شأنه حتى يحقق الاقتداء برسوله ﷺ، وحتى يترجم تلك الدعاوى إلى واقع عملي في كل شأن من شئونه، في معاشه ومعاده، وفي حربه وسلمه، وفي علمه وعمله، وفي عباداته ومعاملاته. وإن تحويل الإسلام والحب لرسول الإسلام ﷺ إلى هز للرءوس وتضخيم للعمائم، وإطالة للشبه يصاحب ذلك هوهوات وتمتمات، وشنشنات وهمهمات، وتعلق بأذكار وتسابيح، وتمسك بمدائح وتواشيح؛ لشيء عجيب يحار العقل في قبوله، والأدهى من ذلك أن تكون هذه الأمور معايير لصدق المحبة وعدمها، ومقاييس يرمى كل من تركها واستبان عورها بتنقصه للحبيب المصطفى ﷺ، وتلك شنشنة معروفة من أخزم، فحبُّ رسولنا ﷺ في شغاف قلوبنا، ولا يغيب حبه إلا من قلب منافق جحود. ومن الأسف أن أعداء الملة تمكنوا في غفلة من المصلحين أن يصدِّعوا بناءه وينقضوا أركانه، فكيف يا أمة محمد ﷺ يترك ميراث النبوة نهبًا للعوادي؟ وكيف يقع التبديل والتغيير في دين الله في غفلة وسكون؟ وكيف يمهد للجاهلية الأولى أن تعود من جديد؟ ألا فليفقه المسلمون سيرة رسولهم ﷺ فقهًا مؤصلًا بالدليل والبرهان قبل أن تأخذ بهم السبل الملتوية؛ فتطوح بهم بعيدًا عن الجادة، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.

9 / 4