Lessons by Sheikh Abdul Aziz Bin Baz
دروس للشيخ عبد العزيز بن باز
Türler
استغلال نعمة الشباب في طاعة الله
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن الشباب من نعم الله العظيمة، وصاحبه قد مُنح قوة تعينه على تحقيق آماله بالاستعانة بالله ﷿، وهي مرحلة عظيمة ينبغي أن تصان عما لا ينبغي من الأخلاق والأعمال، وينبغي لصاحبها أن يجتهد فيما يبلغه إلى الله ﷿ ونفع عباده.
مرحلة الشباب مرحلة عظيمة، هي أهم المراحل، ومن سنة الله ﷿ أن العبد إذا استقام على أمرٍ وواظب عليه وشب عليه، فإن الله جلَّ وعَلا يعينه على إكمال ذلك، ويتوفاه على ما عاش عليه ونشأ عليه من الخير، وقد أشاد الإسلام بالشباب وحثه على الاستقامة، ورغبه بأسباب النجاة والسعادة، ولهذا ثبت في الصحيحين: عن النبي ﷺ أنه قال: (سبعةٌ يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه) .
هذا الحديث العظيم يدل على عظم شأن الشباب، وأنه ينبغي للشاب أن يُعنى بهذه المرحلة، وأن يستقيم فيها على أمر الله، وأن يحاسب نفسه؛ حتى لا يكون سببًا لضلال غيره.
وقد ذكر ﵊ هؤلاء السبعة، وبدأهم بالإمام العادل؛ لأن الإمام العادل مصلحته تعم المسلمين، وتنفع المسلمين، فيقيم فيهم شرع الله، ويحكم فيهم بالعدل، وينصف مظلومهم من ظالمهم، ويعينهم على طاعة الله ﷿، فلهذا صار أول السبعة، الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
ثم ذكر بعده الشاب الذي نشأ في عبادة الله، فصار هو الثاني؛ لأن الشاب إذا نشأ في عبادة الله نفع الله به الأمة، فعلمهم، ودعا إلى الله في شبابه وبعد مشيبه وكبر سنه، فيكون نفعه عظيمًا، والفائدة كبيرة، لكونه نشأ في طاعة الله وعبادته، ولكونه تعلم في حال القوة والنشاط، فيزداد علمًا وهدىً وتوفيقًا كلما زاد سنه وارتفع، فيكون نفعه أكثر للأمة، والتأسي به في ذلك، كذلك من الشباب المماثل، فالشباب يتأسى بعضهم ببعض، ويقتدي بعضهم ببعض، فكلما قوي نشاط الشباب في طاعة الله تأسى به الآخرون، وكثر عباد الله المستقيمون، وانتشر العلم بينهم، وتأسى بهم غيرهم، فيكثر الخير، ويقل الشر، ويقوم أمر الله، ويخذل الباطل، وتشيع الفضائل، وتختفي الرذائل.
ومن ذلك: قوله ﷺ: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء) فأمر الشباب بالزواج، حتى يحصنوا فروجهم ويغضوا أبصارهم، وحتى يكونوا قدوة لغيرهم في الخير، ولهذا قال: (فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج) .
فعُلِم بذلك أنه ينبغي للشباب أن يبادر إلى كل ما يعينه على طاعة الله، حتى يتأسى به غيره، وحتى تكون سجية له، وعملًا مستمرًا له في طاعة الله ﷾.
2 / 2