ولماذا لا أنتظره؟ ألم أقل لك إنه سيأتي حتما .. الليلة.
المرأة :
انتظر كما تشاء، أما أنا فأشقى، أشقى ليل نهار حتى أسقط (تهبط الدرج وتنشغل بترتيب بعض المساند المتناثرة، وجمع أوراق القات وأغصانه الملقاة على الأرض. تذهب إلى الباب وتحكم إغلاقه بالمزلاج، يتقلب بعض المسافرين ويفتحون عيونهم ثم يغمضونها، تفتح الطفلة عينيها وتتأوه .. يطل عليها المقهوي من فوق الدرج ويناجيها ثم ينكب على أشيائه ويتلمسها كأنها كنوز عروس في ليلة زفاف.)
المقهوي :
نامي يا حبيبتي، لا تخافي، إنه جبان، يفح في المرحل وبين الأشجار والمستنقعات، جبان وغدار، لكنه لا يقترب، النور عدوه وعندنا نور، لا يهاجم غير المسافر الوحيد، جبان وغدار، جبان وغدار (يبدأ في استخراج محتويات اللفافة ويناجيها. العمامة وصل إليها الدم أيضا، والسيف المكسور انكسر مرتين؛ مرة على الصخرة ومرة بين أنيابه، والجلباب الأسود لا زالت آثار الفم الكريه تلطخه، حتى الكيس الجلدي لم يسلم من عضته، كأنه ينتقم من الرسائل أيضا، يلوكها في فكه ليكشف أسرارها - كما لاك جسده وجرده من ثيابه - آه يا ولدي حذرتك فما استمعت، نبهتك للخطر الأسود ففتحت له ذراعيك، يا جنون الشباب! تحتضن الموت كأنك تحتضن عروسك، هل تذكرت أباك؟ لعنني ولعن آبائي، ثم اشتعلت فيه النار وأكلت حطب الشيخوخة والأيام، وانطلق زئير الأسد الغاضب من جوف الشيخ الصالح، لا زالت جنبيتك تنز دما، دمه أم دمك؟ قتلك وقتلته، واجتمع الأشبال عليك، ما تركوا إلا العظم، واختلط ترابك بترابه (يخرج قطعة ثياب ملوثة ويضعها على عينيه ويجهش بالبكاء، يمد يده المعروقة إلى أشياء أخرى: عقد وأسورتين وملابس نوم، يشمها ويسندها على صدره ووجهه وعينيه. يهمس لنفسه: آه يا ابنتي، يا حبيبتي ... يبكي، تعاجله زمجرة المرأة من أسفل).
المرأة :
يا رجل، يا رجل، ألا تسمع الكلام أبدا؟
المقهوي :
وأنت .. ألا تسمعينه؟ (يتردد صوت صفير مخيف مكتوم.)
المرأة :
Bilinmeyen sayfa