مع جثة الأحدب وحده .. تذكر زهريار والدم فارتعدت مفاصله .. لكن لا وقت للأفكار المثبطة .. ليبعد عن الأرض المزروعة .. ليبحث عن حفرة في الصحراء .. عن مكان أمين لحفظ الجثة حتى يحقق رغائبه .. لقد أهدرت جثة حظه السعيد وهاك جثة تعده باسترداد ما فقد .. السرعة والستر مطلبه .. وترامى إليه صوت هتك الصمت: أيها السائر في الظلام تخفف.
ارتعد كما لم يرتعد من قبل .. المجنون .. دائما يخترق وحدته .. ما عليه إلا أن يلف الجثة الصغيرة بطرف عباءته .. مد يده ثم سحبها بعنف كالملدوغ .. ثمة حركة أم لعلها نبضة .. ثمة نفس كالأنين .. رباه! الأحدب لم يمت .. وترامى الصوت كرة أخرى: تخفف!
اللعنة .. ما زال يطارده .. قاتل زهريار الجميلة .. لم قتلها؟ لم لم يقتل جلنار؟ حمل شملول على كتفه اليسرى وغطاه بجناح عباءته الأيمن .. همس له: اطمئن يا شملول .. صديقك عجر .. سأمضي بك إلى الأمان.
هل تضيع المكافأة؟ هل تتلاشى الرغائب؟ آه لو به قدرة على القتل! ولكن .. أجل خطرت له فكرة .. أن يخفيه في داره حتى ينال ما يشتهي .. استولت عليه الفكرة ولم يكن ممن يقلبون الأفكار على شتى وجوهها.
12
نظرت فتوحة إلى الأحدب الضئيل بلا حراك بذهول، فقال لها عجر: اسمعي وأطيعي.
فقالت ساخرة: إنه لا يصلح للطعام.
فقال بحرارة: سنعد له مكانا مريحا في العلية، ليبق أياما معدودة حتى يسترد صحته. - ولماذا لا تذهب به إلى أهله؟ - إنه نجمة الحظ التي ستجلب لنا السعادة، وتنقلنا من حال إلى حال .. قدمي له ما يحتاج إليه، وأحكمي إغلاق باب العلية، لن يطول ذلك، وسأخبرك بجميع ما ينبغي لك معرفته.
13
لم يكد ينام من ليلته ساعة .. وتوثب للعمل منذ الصباح الباكر .. إنه يوم فاصل في الحياة كلها، ويجب أن تحدث فيه جميع المعجزات بلا تأجيل .. ليكن جريئا مقتحما وبلا حياء وهو لم يكن ذا حياء قط .. ما هي إلا فرصة واحدة، وهيهات أن تتكرر، وكل شيء بمشيئة الله .. وقرر أن يبدأ بأغلى صيد، فقصد دار حسن العطار قبل موعد ذهابه إلى دكانه .. جاءه الشاب في المنظرة الوثيرة وهو يتساءل بلهفة: ماذا وراءك يا عجر؟
Bilinmeyen sayfa