12
حملق في الخنجر غائب النصل والدم المتدفق وهو يرتجف .. انتزع عينيه بمشقة ونظر نحو الباب المغلق بخوف شديد .. تمزق الصمت بنبض صدغيه .. ولأول مرة يلمح القناديل المعلقة في الأركان .. ولمح أيضا قائما خشبيا مزخرفا بالأصداف عليه مصحف كبير .. توسل بكل عذاباته إلى قمقام عفريته وقدره .. وغشيه الوجود الخفي، وسمع الصوت يقول بارتياح: أحسنت.
ثم بمرح: الآن تحرر قمقام من السحر الأسود.
قال صنعان: أنقذني؛ فقد كرهت المكان والمنظر.
فقال بهدوء وعطف: إيماني يمنعني من التدخل بعد أن ملكت حرية إرادتي ..
فقال بجزع: لا أفقه معنى لما تقول! - عيبك يا صنعان أنك لا تفكر كإنسان. - رباه! لا وقت للجدل، أتزمع تركي لشأني؟ - هذا تماما ما يقتضيه واجبي.
فصاح: يا للفظاعة! لقد خدعتني .. - بل منحتك فرصة للخلاص قلما تتاح لحي. - ألم تتدخل في حياتي وتحملني على قتل هذا الرجل؟ - كنت راغبا بحرارة في التحرر من شر السحر الأسود، فاخترتك لإيمانك، رغم تأرجحك بين الخير والشر، قدرت أنك أولى من غيرك بإنقاذ حيك ونفسك.
فقال بيأس: لكنك لم توضح لي أفكارك. - وضحتها بالقدر الكافي لمن يفكر. - مكر غير محمود .. من قال إني مسئول عن الحي؟! - إنها أمانة عامة، لا يجوز أن يتبرأ منها إنسان أمين، ولكنها منوطة أولا بأمثالك ممن لا يخلون من نوايا طيبة! - ألم تنقذني من ورطتي تحت سلم الكتاب؟ - بلى، عز علي أن تنتهي بسبب من تدخلي أسوأ نهاية لا أمل فيها لتفكير أو توبة، فارتأيت أن أمنحك فرصة جديدة. - وها قد قمت بما عاهدتك عليه فوجب عليك إنقاذي. - إذن تكون مؤامرة؛ دورك فيها دور الآلة، وتقف الجدارة والتكفير والتوبة والخلاص.
فركع على ركبتيه قائلا بتوسل: ارحمني، وأنقذني. - لا تبدد تضحيتك في الهواء. - إنه مصير أسود! - فاعل الخير لا تكربه العواقب.
هتف بذعر: لا أريد أن أكون بطلا.
Bilinmeyen sayfa