واختار سلم السبيل ساعة الراحة، فنشأت مودة سريعة بينه وبين فاضل صنعان بياع الحلاوة .. ومرة دعاه إلى مسكنه بالربع، فرأى زوجته أكرمان وأمه أم السعد وأخته حسنية .. تحركت مراهقته خفية، فارتطمت بورعه وتربيته الدينية التي تلقاها في الكتاب، فجعل يعتل بالعلل كلما دعاه فاضل إلى مسكنه .. ولمس فاضل ورعه فقال له: إنك فتى جدير بكلمات الله المستكنة في قلبك.
فغمغم علاء الدين: إنه من فضل ربي.
فسأله بحذر: ما شعورك عندما ترى المعاصي تجتاح الناس؟
فتمتم: الحزن والأسف. - وما جدوى ذلك؟
فتبدت الحيرة في عينيه وتساءل: ماذا تريد أيضا؟ - الغضب!
وكررها ثم قال: المرعى الطيب جدير بالأسد.
4
أشرق الحي بمولد سيدي الوراق .. زحفت المواكب، وتلاطمت الأعلام، وتجاوبت الدفوف والمزامير .. اجتمع أهل الخير وأهل النفاق حول جفان الثريد .. ولاح في مجالس الخاصة سحلول، وحسن العطار، وجليل البزاز، وسليمان الزيني، والمعين بن ساوي، وشملول الأحدب، وحضر أيضا فاضل صنعان، وعجر الحلاق، ومعروف الإسكافي، وإبراهيم السقاء، ورجب الحمال .. جاء أيضا - بمفرده لأول مرة - علاء الدين أبو الشامات .. أجلسه فاضل إلى جانبه، وهو يقول: لو بعث الوراق لامتشق السيف!
ابتسم علاء الدين ابتسامة من يزداد خبرة بمعرفة صاحبه .. فقال فاضل بنبرة ذات مغزى: ما دام الطيبون لا يمتشقون السيوف!
قال علاء الدين ببراءة: يتحدثون كثيرا عن توبة مولانا السلطان.
Bilinmeyen sayfa