Lavakih-i Envâr
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Yayıncı
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Yayın Yılı
1315 هـ
حمدان سنة إحدى عشرة، وثلاثمائة، وكان رضي الله عنه يقول: تكبر المطيعين على العصاة بطاعتهم شر من معاصيهم، وأضر عليهم منها كما أن غفلة العبد عن توبة ذنب ارتكبه شر من ارتكابه، وكان يقول: أنت تبغض العاصي بذنب، واحد تظنه، ولا تبغض نفسك بذنوب كثيرة تتيقنها وكان رضي الله عنه يقول: من سكنت عظمة الله قلبه عظم كل من انتسب إلى الله تعالى بالعبودية، وكان يقول: من علامة صدق من انقطع إلى الله تعالى أن يرد عليه قط ما يشغله عنه من مصائب الدنيا وغيرها رضي الله عنه.
ومنهم أبو بكر بن جحدر الشبلي
رضي الله عنه
ومكتوب على قبره جعفر بن يونس خراساني الأصل بغدادي المولد، والمنشأ تاب في مجلس خير النساج كما مر، وصحب أبا القاسم الجنيد، ومن عاصره من المشايخ، وصار أوحد أهل الوقت علما، وحالا وظرفا. تفقه على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه، وكتب الحديث الكثير. عاش سبعا وثمانين سنة، ومات سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، ودفن ببغداد في مقبرة الخيزران، وقبره فيها ظاهر يزار رضي الله عنه، ورحمه، وكانت مجاهداته في بدايته فوق الحد وكان رضي الله عنه يقول: اكتحلت بالملح كذا، وكذا ليلة لأعتاد السهر، ولا يأخذني النوم فلما زاد علي الأمر حميت الميل، واكتحلت به.
وكان يقول عن علم القوم: ما ظنك بعلم علم العلماء فيه تهمة. وقيل له: إن أبا تراب النخشبي جاع يوما في البداية فرأى البادية كلها طعاما فقال هذا عبد رفق به ولو بلغ إلى محل التحقيق لكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني " وقيل له متى يكون الشخص مريدا قال: إذا استوت حالاته في السفر، والحضر والمشهد، والمغيب وقيل له متى يكون الشخص مريدا قال: إذا استوت حالاته في السفر، والحضر والمشهد، والمغيب وقيل له مرة كيف الدنيا فقال: قدر يغلي، وكنيف يملأ، وكان يقول: في مناجاته أحبك الخلق لنعمائك وأنا أحبك لبلائك، وكان رضي الله عنه يقول: رفع الله قدر الوسائط بعلو هممهم فلو أجرى على الأولياء ذرة مما كشف للأنبياء عليهم الصلاة والسلام لبطلوا، وانقطعوا. وأخر مرة العصر حتى دنت الشمس إلى الغروب فقام وصلى، وأنشد مداعبا، وهو يضحك، ويقول أحسن ما قال بعضهم:
نسيت اليوم من عشقي صلاتي ... فلا أدري عشائي من غدائي
وكان يقول: كل صديق لا يكون له معجزة فهو كذاب فلما دخل البيمارستان دخل الوزير فقال: أين قولك كل صديق بلا معجزة كذاب فأين معجزتك أنت فقال معجزتي موافقة الله في أوامره، ونواهيه وكان يقول: ليس للمريد فترة، ولا للعارف علاقة، ولا للمحب شكوى، ولا للصادق دعوى، ولا للخائف قرار، ولا للخلق من الله فرار، وكان يقول لأهل عصره أنتم قبور فقيل له لماذا فقال لأن كل واحد منكم مدفون في ثيابه فقال له رجل، ونحن نعد في الأموات فقال: نعم العارفون نيام، والجاهلون أموات، وقيل له مزقت جميع ملبوسك، والعيد قد أقبل، والناس يتزينون، وأنت هكذا فقال زينة الفقير فقره، وصبره على فقره، وكان يقول: إنما تصفر الشمس عند الغروب لأنها عزلت عن مكان التمام فاصفرت لخوف المقام، وهكذا المؤمن إذا قارب خروجه من الدنيا اصفر لونه فإنه يخاف المقام، وإذا طلعت الشمس طلعت مضيئة منيرة.
كذلك المؤمن إذا خرج من قبره خرج، ووجهه مشرق مضيء وقال له رجل مرة من أنت قال: النقطة التي تحت الباء فقال أنت شاهدي ما لم تجعل لنفسك مقاما وكان رضي الله عنه يقول: ذلي عطل ذل اليهود قال بعض العارفين في معناه أي لأن ذل الذليل على قدر معرفته بعظمة من ذل له، والشبلي بلا شك أعرف بعظمة الله تعالى من اليهود فذله أعظم من ذل اليهود. وجاءه رجل فقال يا سيدي كثرت عيالي، وقل حيلي فقال له: أدخل دارك فكل من رأيت رزقه عليك فأخرجه، وكل من رأيت رزقه على الله تعالى فاتركه في الدار، وكان إذا أعجبه صوف أو قلنسوة أو عمامة لفها وأدخلها النار فأحرقها، ويقول كل شيء مالت إليه النفس دون الله تعالى وجب إتلافه فقيل له لم لا تتصدق به فقال: صورته باقية فربما تبعته النفس إذا رأته على الغير فكان الإحراق أسرع في إتلافه مبادرة للإقبال على الله عز وجل، وقد بادر إبراهيم عليه السلام حين أمر بالختان إلى الفأس فاختتن بها فقيل له هلا صبرت حتى تجد الموسى فقال عليه السلام تأخير أمر الله عظيم وكان يقول: لا أستريح إلا إذا لم أر لله ذاكرا على وجه
Sayfa 89