Lavakih-i Envâr
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Yayıncı
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Yayın Yılı
1315 هـ
آخرته ومن استخف بالسلطان ذهبت دنياه ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته. وكان يقول: لا يقول أحدكم ما أجرأ فلانا على الله تعالى فإن الله تعالى أكرم من أن يجترأ عليه، ولكن ليقل ما أغر فلانا بالله، وكان يقول: محارم الرجال في اللحى والأكمام ومحارم النساء تحت القميص، وكان يقول ليس من الدنيا إلا قوت اليوم فقط. وكان يقول ما أودعت قلبي شيئا قط فخانني. وكان ينشد إذا ودع شخصا.
وهون وجدي أن فرقة بيننا ... فراق حياة لا فراق ممات
وكان رضي الله عنه يقول: لا يخرج العبد عن الزهد إمساك الدنيا ليصون بها وجهه عن سؤال الناس وقيل له: إن شيبان يزعم أنك مرجئ، فقال: كذب شيبان أنا خالفت المرجئة في ثلاثة أشياء فإنهم يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل، وأنا أقول هو قول وعمل، ويزعمون أن تارك الصلاة لا يكفر وأنا أقول: إنه يكفر ، ويزعمون أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص وأنا أقول إنه يزيد وينقص.
توفي رضي الله عنه سنة إحدى وثمانين ومائة ودفن بهيت مدينة معروفة على الفرات لما رجع من الغزو وكانت إقامته بخراسان رضي الله عنه ومولده سنة ثمان عشرة ومائة رضي الله عنه.
ومنهم عبد العزيز بن أبي رواد
رضي الله تعالى عنه
ذهب بصره عشرين سنة فلم يعلم به أهله ولا ولده وقال شعيب بن حرب جلست إلى عبد العزيز خمسمائة مجلس ما أحسب أن صاحب الشمال كتب عليه شيئا، وقال: يوسف بن أسباط مكث عبد العزيز أربعين سنة لم يرفع طرفه إلى السماء، وقيل له: كيف أصبحت فبكى، فقيل له: في ذلك فقال: كيف حال من هو في غفلة عظيمة عن الموت مع ذنوب كثيرة قد أحاطت به وأجل يسرع كل ساعة في عمره ولا يدري أيصير إلى جنة أم إلى نار. توفي رضي الله عنه بمكة سنة تسع وخمسين ومائة.
ومنهم أبو العباس بن السماك
رضي الله تعالى عنه
كان يقول من شرط الزاهد أن يفرح بتحويل الدنيا عنه وكان يقول: قد صمت الآذان في زماننا هذا عن المواعظ وذهلت القلوب عن المنافع فلا الموعظة تنفع ولا الواعظ ينتفع، وكان يقول: يا أخي هب أن الدنيا كلها في يديك فانظر ما في يديك منها عند الموت، وكان يقول: كم من مذكر لله تعالى وهو له ناس وكم من داع إلى الله تعالى وهو فار من الله تعالى وكم من تال لكتاب الله تعالى وهو منسلخ من آيات الله تعالى.
وتوفي رضي الله عنه بالكوفة سنة ثلاث وثمانين ومائة.
ومنهم أبو عبد الرحمن محمد بن النضر الحارثي
رضي الله عنه
كان كثير العبادة راقبه شخص أربعين يوما وليلة فما رآه نائما لا ليلا ولا نهارا، وقال يوسف بن أسباط شهدت غسل أبي عبد الرحمن حين مات فلو أخرج كل لحم عليه ما بلغ رطلا، وشغلته العبادة عن الرواية فكان إذا ذكر الآخرة اضطربت مفاصله ويقول: يا سلام سلم رضي الله عنه.
ومنهم محمد بن يوسف الأصفهاني
رضي الله تعالى عنه
كان ابن المبارك رضي الله عنه يسميه عروس العباد والزهاد، وكان يقول: لنفسه هب أنك قاض فكان يكون ماذا؟ هب أنك عالم فكان يكون ماذا؟ هب أنك محدث فكان يكون ماذا؟ الأمر من وراء ذلك، وكان إذا رأى نصرانيا كرمه وأضافه وأتحفه يبتغي بذلك ميله إلى الإسلام وكان رضي الله عنه يقول: ذهب أصحابنا إلى رحمة الله تعالى ودفنا نحن إلى حشوش هذه الدنيا، وبعثوا إليه بمال ليفرقه فأبى وقال: السلامة مقدمة وكان رضي الله عنه لا ينام الليل لا شتاء ولا صيفا لكن يتمدد بعد طلوع الفجر ساعة ثم يقوم ويتوضأ وكان إذا أصبح كأن وجهه وجه عروس.
توفي رضي الله عنه وهو ابن نيف وثلاثين سنة في سنة أربع وثمانين ومائة رضي الله عنه.
ومنهم يوسف بن أسباط
رضي الله تعالى عنه
كان يقول غاية التواضع أن تخرج من بيتك فلا ترى أحدا إلا رأيت أنه خير منك، وكان رضي الله عنه يقول: لو أن شخصا ترك الدنيا كما تركها أبو ذر وأبو الدرداء ما قلت له زاهدا، وذلك أن الزهد لا يكون لا في الحلال المحض والحلال المحض لا يعرف اليوم وأقام أربعين سنة ليس له إلا قميصان إذا غسل أحدهما لبس الآخر، وكان يعمل الخوص بيده ويتقوت حتى مات رضي الله عنه. ومرض مرة فأتوه بطبيب من أطباء الخليفة وهو لا يعلم فلما أراد الانصراف أعلموه فقال له: ما عادته فقالوا دينار فقال: أعطوه هذه الصرة ففتحوها فإذا فيها خمسة عشر
Sayfa 52