Lavakih-i Envâr
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Yayıncı
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Yayın Yılı
1315 هـ
ولم يزل أحمد رضي الله عنه يتوجع منهما إلى أن مات رضي الله عنه ولم يزالوا بعد الضرب يقطعون اللحم والجلد من مقاعد أحمد سنين عديدة إلى أن مات رضي الله عنه.
وكان بشر بن الحارث رضي الله عنه يقول: امتحن أحمد بعدما أدخل الكير فخرج ذهبا أحمر. وقال الهيثم رضي الله عنه كان أحمد رضي الله عنه حجة الله على أهل زمانه والفضل حجة الله على أهل زمانه، وهكذا الأمر في كل زمان، وكان يقول إذا كان في الرجل مائة خصلة من الخير وكان يشرب الخمر محتها كلها، وكان يقول: لا تكتبوا العلم عمن يأخذ عليه عرضا من الدنيا.
ومرض جاره فلم يعده فقال له ابنه هلا تعود جارنا فقال يا بني إنه لم يعمنا حتى نعوده وكان رضي الله عنه يقول: لم يجئ لأحد من الصحابة في الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأرسل له الخضر فقيرا فقال يا أحمد إن ساكني السماء ومن حول العرش راضون عنك بمن صبرت نفسك لله عز وجل، ومناقبه كثيرة مشهورة.
توفي رضي الله عنه سنة إحدى وأربعين ومائتين وقد استكمل سبعا وسبعين سنة. ولما مرض رضي الله عنه اجتمع الناس والدواب على بابه لعيادته حتى امتلأت الشوارع والدروب، ولما قبض صاح الناس وعلت الأصوات بالبكاء وارتجت الدنيا لموته، وخرج أهل بغداد إلى الصحراء يصلون عليه فحزروا من حضر جنازته من الرجال ثمانمائة ألف ومن النساء ستون ألف امرأة سوى من كان في الأطراف والسفن والأسطحة فإنهم بذلك يكونون أكثر من ألف ألف وفي رواية بلغوا الذي ألف وخمسمائة ألف، وأسلم يومئذ عشرون ألفا من اليهود والنصارى والمجوس رضي الله تعالى عنه.
ومنهم أبو محمد سفيان بن عيينة
رضي الله عنه
حفظ القرآن وهو ابن أربع سنين وكتب الحديث وهو ابن سبع سنين وكان يقول: من لا تنتفع به فلا عليك أن لا تعرفه وكتب مرة إلى أخ له أما آن لك يا أخي أن تستوحش من الناس ولقد أدركنا الناس وهم إذا بلغ أحدهم الأربعين سنة جن عن معارفه وصار كأنه مختلط العقل من شدة تأهبه للموت وكان إذا أعطاه الناس شيئا يقول أعطوه لفلان فإنه أحوج مني وكان يقول: من صبر على البلاء ورضي بالقضاء فقد كمل أمره وكان يقول: بحسب امرئ من الشر أن يرى من نفسه فسادا لا يصلحه، وكان يقول: خصلتان يعسر علاجهما ترك الطمع فيما بأيدي الناس، وإخلاص العمل لله، وكان يقول: إذا كان نهاري نهار سفيه وليلي ليل جاهل فماذا أصنع بالعلم الذي كتبت، وكان يقول بمن زيد في عقله نقص من رزقه، وكان يقول: لا إله إلا الله بمنزلة الماء في الدنيا فمن لم يكن معه لا إله إلا الله فهو ميت ومن كانت معه فهو حي، وكان يقول: ما أنعم الله عز وجل على العباد نعمة أفضل من أن عرفهم لا إله إلا الله وإن لا إله إلا الله في الآخرة كالماء في الدنيا، وكان يقول: فسر حديث: " من كشنا فليس منا " ونحوه على أن المراد ليس هو على هدينا وحسن طريقتنا فقد أساء الأدب فإن السكوت عن تفسيره أبلغ في الزجر وكان رضي الله عنه يقول: الزهد في الدنيا هو الصبر وارتقاب الموت، وقال: حرملة أخرج لي سفيان بن عيينة رغيف شعير من كمه، وقال لي: دع ما يقوله الناس فإنه طعامي منذ ستين سنة، وكان رضي الله عنه يقول: ليس من حب الدنيا طلبك ما لا بد منه، وكان يقول: ماء زمزم بمنزلة الطيب لا يرد، وكان يقول: إذا كانت نفس المؤمن متعلقة بدينه حتى يقضي فكيف بصاحب الغيبة فإن اللين يقضي والغيبة لا تقضي ولو أن رجلا أصاب من مال رجل شيئا ثم تورع عنه بعد موته فجاء به إلى ورثته لكنا نرى أن ذلك كفارات له ولو أنه اغتابه ثم تورع وجاء بعد موته إلى ورثته وإلى جميع أهل الأرض فجعلوه في حل ما كان في حل فعرض المؤمن أشد من ماله، وكان يقول: وصى الخضر موسى عليهما السلام أن لا يعير أحدا بذنب، وكان رضي الله عنه يقول: إن للأنبياء عليهم الصلاة والسلام سرا وللعلماء رضي الله عنهم سرا، وإن للملوك سرا فلو أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أظهروا سرهم للعامة لفسدت النبوة، ولو أن العلماء رضي الله عنهم أظهروا سرهم للعامة لفسدت عليهم، ولو أن الملوك أظهروا سرهم للعامة لفسد ملكهم، وكان رضي الله عنه يقول العلم إن لم ينفعك ضرك وكان إذا فرغ من صلاته يقول: اللهم اغفر لي ما كان فيها وكان يقول: لا يكون طالب العلم عاقلا حتى يرى نفسه دون كل المسلمين وكان يقول: إذا لم تصل حقك إلا بالخصومة والسلطان فدعه لما ترجو من
Sayfa 48