180

Lavakih-i Envâr

الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار

Yayıncı

مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر

Yayın Yılı

1315 هـ

يقول: من النفاق التظاهر يفعل السنة، والله يعلم منه غير ذلك، ومن الشرك بالله اتخاذ الأولياء ، والشفعاء دون الله قال الله تعالى: " مالكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون ".

وكان يقول من شفع طلبا للجاه والمنزلة أو لعرض الدنيا عذبه الله على ذلك، ويتوب الله على من يشاء، وكان يقول: من سوء الظن بالله أن يستنصر بغير الله من الخلق قال تعالى: " من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا، والآخرة " الآية، وكان يقول أوصاني أستاذي رحمه الله تعالى فقال: جدد بصر الإيمان تجد الله في كل شيء، وعند كل شيء ومع كل شيء وفوق كل شيء، وقريبا من كل شيء، ومحيطا بكل شيء بقرب هو، وصفه، وبإحاطة هي نعته، وعد عن الظرفية، والحدود، وعن الأماكن، والجهات، وعن الصحبة، والقرب بالمسافات، وعن الدور بالمخلوقات وامحق الكل بوصفه الأول، والآخر، والظاهر والباطن كان الله ولا شيء معه، وكان رضي الله عنه يقول: من غفل قلبه اتخذ دينه هزوا، ومن اشتغل بالخلق اتخذ دينه لعبا، وكان يقول: إذا كان من يعمل على الوفاق لا يسلم من النفاق فكيف بغيره، وكان رضي الله عنه يقول: الكاملون حاملون لأوصاف الحق وحاملون لأوصاف الخلق فإن رأيتهم من حيث الخلق رأيت أوصاف البشر، وإن رأيتهم من حيث الحق رأيت أوصاف الحق التي زينهم بها فظاهرهم الفقر وباطنهم الغنم تخلقا وبأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " ووجدك عائلا فأغنى " أفتراه أغناه بالمال كلا، وقد شد الحجر على بطنه من شدة الجوع وأطعم الجيش كله من صاع، وخرج من مكة على قدميه ليس معه شيء يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال، وكان يقول ضيق اليد شرف لكل الناس أو لقطب أو خليفة أو أمين لا يخون الله تعالى: برؤية نفسه على من ينفق عليه من العيال، والفقراء طرفة عين.

وكان يقول: العلوم التي وقع الثناء على أهلها وإن جلت فهي ظلمة في علوم ذوي التحقيق، وهم الذين غرقوا في تيار بحر الذات، وغموض الصفات فكانوا هناك بلا هم وهم الخاصة العليا الدين شاركوا الأنبياء، والرسل عليهم الصلاة والسلام في أحوالهم فلهم فيها نصيب على قدر إرثهم من مورثهم قال: النبي صلى الله عليه وسلم: " العلماء ورثة الأنبياء عليهم الصلاة، والسلام " أي يقومون مقامهم على سبيل العلم، والحكمة لا على سبيل التحقيق بالمقام، والحال فإن مقامات الأنبياء عليهم الصلاة، والسلام قد جلت أن يلمح حقائقها غيرهم، وكأن يقول: كل وارث في المنزلة الموروثة لا يكون إلا بقدر مورثه فقط قال تعالى: " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض " كما فضل بعضهم على بعض كذلك فضل، ورثتهم على بعض إذ الأنبياء عليهم الصلاة، والسلام أعين للحق، وكل عين يشهد منها على قدرها، وكل ولي له مادة مخصوصة وكان يقول الأولياء على ضربين صالحون، وصديقون فالصالحون أبدال الأنبياء، والصديقون أبدال الرسل. فبين الصالحين، والصديقين في التفضيل كما بين الأنبياء، والمرسلين منهم طائفة انفردوا بالمادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يشهدونها عين يقين، وهم قليلون وفي التحقيق كثيرون، ومادة كل نبي، وكل ولي بالأصالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن من الأولياء من يشهد عينه، ومنهم من تخفى عليه عينه، ومادته فيفنى فيما يرد عليه، ولا يشتغل بطلب مادته بل هو مستغرق بحاله لا يرى غير وقته ومنهم طائفة أيضا مدوا بالنور الإلهي فنظروا به حتى عرفوا من هم على التحقيق.

وذلك كرامة لهم لا ينكرها إلا من ينكر كرامات الأولياء فنعوذ بالله من النكران بعد العرفان، وكان يقول: أول منزل يطؤه المحب للترقي منه إلى العلا النفس فإذا اشتغل بسياستها، ورياضتها إلى أن انتهى إلى معرفتها وتحققها أشرق عليه أنوار المنزل الثاني، وهو القلب فإذا اشتغل بسياسته حتى عرفه، ولم يبق منه عليه شيء أشرق عليه أنوار المنزل الثالث، وهو الروح فإذا اشتغل بسياسته، وتمت له المعرفة هبت عليه أنوار اليقين شيئا فشيئا إلى تمام نهاياته، وهذه طريق العامة، وأما طريق الخاصة فهي طريق ملوك تضمحل العقول في أقل القليل من شرحها، وكان يقول: ومن أمده الله تعالى بنور العقل الأصلي شهد موجودا لا حد له، ولا غاية بالإضافة إلى هذا العبد واضمحلت جميع الكائنات فيه فتارة يشهدها فيه كما يشهد البناء بيتا في الهواء بواسطة نور الشمس، وتارة لا يشهدها لانحراف نور الشمس عن الكوة، فالشمس التي يبصر بها هو العقل الضروري بعد المادة بنور اليقين،

Sayfa 10