Lavakih-i Envâr
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Yayıncı
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Yayın Yılı
1315 هـ
كلمة، وكان يقول: إنما زهد العارفين في الدارين لرؤية ما هو أشرف، وأعلى، وأجل، وكان يقول: العابد يعادي فعل نفسه، والعارف يعادي ذات نفسه، وكان يقول: " لازم على قول لا إله إلا الله " حتى تغيب عن لا إله إلا الله بلا إله إلا الله، وكان يقول: إنما صد عن العارف المحقق، وجود شركهم لأن العارف يدفع بهم في حضرات الجمع، والتفريد، فتفر نفوسهم من حر نار الأنوار إلى ظل ظلال الأغيار، وكان رضي الله عنه يقول: من أحب الله تعالى أحب كل ما كان سببا منه كما قال: مجنون بني عامر:
أحب لحبها السودان حتى ... حببت لحبها سود الكلاب
وكان رضي الله عنه يقول: للعارف إذا اشتكى آثار بشريته إنما نريد أن نعمر بك دوائر الحس كما عمرنا بك دوائر القدس، وكان يقول: خرج ابن آدم إلى الدنيا بجناح لحمي، وفوقه سماء، وتحته نار، فإن ربى جناحه، وريشه طار، وإن أهمله وتركه سقط في النار ، وقد جاء في الحديث: " إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة ".
وكان يقول: من قهر القهار أن يشهدك ما يشهدك، ولا تستطيع أن تسلكه، ولا تعمل على مقتضاه إلا إذا شاء، وأراد، وكان رضي الله عنه يقول: كل شيء أردته، وأنت محجوب، فليس هو عين الأمر المطلوب وكان يقول: كلما ازداد عبد بالحضور ازداد الوقت به نورا وكان يقول: لا تأكل النار إلا محل الشرك إن كان كلا، فكلا، وإن كان جزءا، فجزءا، وإنما نالت النار من بعض المؤمنين لأنهم كانوا بعصيانهم على خفاء من الشرك مشتملين، وكان رضي الله عنه يقول: حقيقة السر لا تظهر لأحد في الدارين، وكان يقول: لا يباح إظهار الأسرار عند الاضطرار إلا بفتاوى علمائها، وكان يقول: لا يظهر لب حقيقة الإنسان إلا بإزعاج ظاهر طينته، كما لا يظهر باطن لب إلا بعد إزعاج ظاهر قشرته، وكان يقول: لا يلزم من ذكر أوصاف آداب المعاملات وجود الاتصاف بها لكنها من المتصف بها أنفع لسامعها، فإن غير المتصف بها قصده مدخول ونشر علمه في ذلك معلول.
وكان يقول: يقول الحق تعالى لبني آدم ملأتم الأرض طولا، وعرضا ولم يأتنا منكم إلا القليل، وكان يقول: ما سكت عارف قط، ولو نفسا لا عقوبة لأهل زمانه، وما تكلم قط كلمة إلا انتفع بها كل من سمعها وكان رضي الله عنه يقول: من غفلة العبد، وعمى قلبه نسبته الأشياء لغير ربه، وكان يقول: لن تستطيع أن تسلم من الشيطان الملصق بذات وجودك الملتقم بإذن قلبك الجاري منك مجرى الدم إلا برجوعك إلى من هو أقرب إليك منه وهو الله تعالى، وكان يقول: سيئات الظواهر في طريق المعاملات في معرض العفو لكونها مخالفة للأوامر السمعية الواردة على الخلق من وراء الحجاب، بخلاف أنوار القلوب، والأسرار إذا حصل فيها خلل، فلا مغفرة لسيئاتها، ولا عوض من فواتها، قيل لبعضهم حين كان عنده خلل:
كل ذنب لك مغفو ... ر سوى الإعراض عنا
قد غفرنا لك ما فا ... ت بقي ما فات منا
وكان يقول: ما تعقب ندامة قط وقتا فارغا، أو مظلما إلا ملأته، أو نورته، وكان رضي الله عنه يقول: أولا تسمع ثانيا تفهم ثالثا تعلم رابعا تشهد خامسا تعرف، وكان يقول: ابن آدم ذو عوالم ثلاث عالم إنساني وعالم شيطاني، وعالم روحاني، فله من حيث المعنى الطيني الجهل، والنسيان، ومن حيث الريح الشيطاني التكذيب، والكفران، والجحود، والطغيان، ومن حيث الوصف الروحاني التصديق، والإذعان ثم اليقين والعرفان، ثم الشهود، والعيان، وكان يقول: القلوب ثلاثة قلب أرضي، فالشيطان يأوي إليه، وربما استحوذ بالإغواء عليه، وقلب سماوي، فهو يلقى إليه، ويسترق السمع من نواحيه، فهو ينال من سماع أخباره، وربما رجم بشهاب من أنواره، وقلب عرشي، فهو أبدا لا يدانيه، ولا يصل أبدا إليه.
وكان يقول: أول مراتب السماع للقرآن غيبة السامع عن شهود الأكوان، وكان يقول: إذا أراد الله بعبد خيرا أوصل إلى قلبه العلوم الحقيقية المتلقاة من حضرة الربوبية بطريق ليس فيه إشكال على الظواهر الشرعيات، ولا تعدي القواعد العقليات، وكان يقول: الكون الشهادي كله منطو في ظاهرية آدم، وظاهريته منطوية في معنى روحه غيب في طي النفخ فيه، والنفخ منطو في الإفاضة، وذلك منقطع الإشارة، وكان يقول: لما شهد الكون انفاني بعين الغفلة موجودا مع الله تعالى قضى الله عز وجل بفنائه غيرة لأحديته وكان يقول: لو نطق العارف بلسان حقيقته لم يسع الكون الشهادي كلمة من كلماته، وكان يقول: كان الحق
Sayfa 164