160

Lavakih-i Envâr

الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار

Yayıncı

مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر

Yayın Yılı

1315 هـ

الولي ، فاطلب الله تعالى، فهناك تجده لأنهم، ودائع غيبه، وخبايا حضرته، وكان يقول: لا تطلب من الأعمال، والعلوم والأحوال خلوصها من كل الشوائب البشرية لئلا تكلف شططا، وتظن وجود ما لا يمكن، وجوده سهوا، وغلطا بل من بين فرث الماء، والطين، ودم ذلك الأمر الخفي عن إدراك المدركين لبنا خالصا سائغا للشاربين، وكان رضي الله عنه يقول: لا يهولنكم كثرة عدد الفجار، وقلة عدد الأخيار، فإن أولئك، وإن كثر عددهم أمرهم صغير حقير، وهؤلاء، وإن قل عددهم، فأمرهم واسع كبير أولئك كثرت ظلال ظواهرهم، ومعانيهم الزائلة الدنية التي هي غير حقيقية، فهم كالعالم الثاني من نبات، وخشاش، ونحو ذلك من نبات قوالب خالية من المعاني العلية النورانية سكانها لوم النفوس الخسيسة الأرضية، ومعالم عمارها رذائل المعاني الحيوانية، وصفات الأشكال الشيطانية كثيرهم قليل، وعزيزهم ذليل: " أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون " " الأعراف: 179 "، وهؤلاء الأخيار قل عدد ظواهرهم، وكثر مدد سرائرهم بوزن الرجل منهم بعدد كثير من جنسه الأبرار، فما ظنك بأولئك الذين لهم بالنسبة إلى سعة أنواره، وما قدر أولئك الذين لا قدر لهم مع عظيم مقداره، وكان رضي الله عنه يقول: كلما جدد العبد المؤمن بالصدق حقيقة الإيمان اقتضى تجديده ذلك فناء عوالم الأكوان، وكان يقول: النعمة العظمى الانطواء بالفناء الأكبر في ظل الغنى الأعظم قال تعالى: " قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون " " الأنعام: 91 " وفي الحديث: " كان الله ولا شيء معه "، وقالوا:

تسترت من دهري بظل جناحه ... فصرت أرى دهري، وليس يراني

فلو تسئل الأيام ما اسمي ما درت ... وأين مكاني ما عرفن مكاني

وكان يقول: ليس الرجل من يصف لك دواء تستعمله إنما الرجل من داواك في حضرته، وكان يقول: أعلى النور ما غاص في القلوب والأسرار، ولم يظهر إلى انقضاء هذه الدار، وذلك لأنه أثبت وأقوى وأرفع، وأعلى مما يسرع ظهوره، وتأمل حبات النبات البطيء ظهوره تجدها أثبت، وأقوى وأرقى وأرفع مما ليس كذلك، وكان يقول: لا تبع ذرة من المحبة لله تعالى أوفى الله بقناطير من الأعمال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المرء مع من أحب ". وكان يقول: إن الرجل ليعانق الرجل، وإن بينه وبينه لأبعد مما بين المشرق، والمغرب، وكان رضي الله عنه يقول: للسر لسان، وللروح لسان وللقلب لسان، وللعقل لسان علموا ذلك من مواطن أصول لسانهم، وغيوبهم الأصلية، والعارف الكامل يخاطب كلا منها بلسانه، ولغته، ويسقيه بكأسه من شرابه، وكان رضي الله عنه يقول: ما ظهر متلصص كون إلا عند غيبة حارس المعرفة، ولولاها ما لاح متلصص كون أبدا، وإن شئت قلت: تنويعا لمثل التوصيل ما لاح كوكب كون إلا عند غيبة شمس المعرفة ومتى طلعت شمس المعرفة من مشارق التوحيد أفلت كواكب الآثار، وغابت نجوم الأغيار، ولو علم الناس قدر الولي لتأدبوا مع كل إنسان لأنه لابس مثل لبسته، وظاهر في مثل صورته، وكان يقول: إذا أمرك آمر العلم، وزجرك زاجره، فائتمر لأمره وقف عند وجود زجره، وإن كان مقامك أعلى، ورتبتك في منازل القرب أدنى أدبا مع الله تعالى ووفاء بحق حكمته، ووقوفا مع حدود الأوامر الإلهية، إذ من تمام أدب جليس الملك أن يتأدب، إذا زجره صاحب الباب تتميما لدوائر الملك، وتأدبا بآدابه، وكان رضي الله عنه يقول: ما ظهر كون قط علوي ولا سفلي إلا، وهو دليل، أو مثال على حضرة ربانية، ونور معرفة خفية، وثم معارف لم يظهر لها مثال، ولا تخطر لذي بصيرة على بال، وكان يقول: سهم المعرفة متى وقف أمامه هدف إيمان قلب أصابه، ولم يخطئه، وكان يقول: نشأ هذا العالم على التدريج، فإذا توجه الإنشاء للدائرة الآخرى والنشأة الثانية عادت السماء كالأب، والأرض كالأم، وكان المتولد واحدا دفعة واحدة، وثبتت حبات نبات الآدميين عن بطن الأرض نباتا واحدا، وكان يقول: إذا نطق لسان العارف بالمعرفة صمت، وجوده كله، وكان يقول: لو علمت النفوس قدر ما تدعي إليه لكانت تسابق داعيها إليه، وكان يقول: لا تشرب من شراب الدنيا إلا بعد أن تمزجه بشراب الآخرة، وذلك لتكون محفوظا، وكان رضي الله عنه يقول: ما من وقت جديد إلا وفيه مدد جديد يتلقاه كبراء الوقت، ووسائطه، وهم أرباب التلقي للمدد الوقتي وسفراؤه، وقد ورد الأثر: " إن لربكم في دهركم هذا نفحات ألا فتعرضوا لنفحات رحمة الله تعالى " فأشار إلى المدد الوقتي، وكان رضي الله عنه يقول: ما وردت حقيقة على عارف قط إلا وذهب شاهده تحت سلطان أنوارها، وأما السامع منه فيمكن بقاء شاهده مع وجود تلقيها منه لأنها وردت

Sayfa 162