149

Lavakih-i Envâr

الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار

Yayıncı

مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر

Yayın Yılı

1315 هـ

بصير، والنفس من شأنها التلبيس على صاحبها.

وكان يقول: ليس من تزيا بزي القوم ينفعه زيه أو درجه أو خرقته فإن هذه أمور ظاهرة، والقوم إنما عملهم جواني إذ بذلك يرقون إلى مراقي درجة الرجال، وما رأينا أحد لبس جبة أو كتب له إجازة فبلغ مبلغ الرجال بذلك قط بل فعل ذلك يوقف المزيد عن طلب المزيد، والأمر ليس له قرار، وكان يقول: يا أولادي إذا طلبتم أن تغتابوا أحدا فاغتابوا والديكم فإنهما أحق بحسناتكم من غيرهما، وكان يقول: إن الله تعالى يطلع على قلوب عباده في اليوم والليلة اثنتين وسبعين مرة فنظفوا يا أولادي محل نظر ربكم واجعلوه طاهرا مطهرا حسنا نقيا زاهرا نيرا صادقا خالصا لترتع في رياض القرب، ويظهر فيها النور فإن الإناء إن لم يكن شفافا لا يظهر للفتيلة فيه نور، وكان يقول: يا ولدي انقش على صحيفة صفحة لوح خدك توراة درسك، وإنجيل فهمك، ومزامير ذكرك، وزبور صفاتك، وفرقان تفريقك، ومجموع جمعك، واشتغل بأفنان حضورك ومراقبة رقيبك، واشتغل بنفسك عن القيل، والقال، ولا تلتفت قط إلى صحبة من يتكرم بضياع أوقاته أو أنفاسه في الغفلات فإن صحبته هلاك لك، وكان رضي الله عنه يقول: يا ولدي صحح عزمات عزمك، واترك تخيلات، وهمك، ولج بحر الحقائق، وسلم الأمر لله، واقتد، واقتف أوامر شيخك، وألق عصاك، ولا تطلب خبر نفسك من غيرك بل اعمل حتى تنكشف لك حقائقك من عرف نفسه عرف ربه، وكان يقول: إذا عمل الفقير على نسق الاتباع الشرعي تروحنت نفسه، وصارت روحانية لطيفة نورانية تجول جولان السر، والقلب، والمعنى، ومعنى قولنا نسق الإتباع الشرعي نحو قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون " " الحج: 77 " وكان رضي الله عنه يقول: يجب على المريد أن يطهر أعضاءه عن الغفلات والفتور عن ذكر الله كما يجب تطهيرها عن المعاصي من باب: " حسنات الأبرار سيئات المقربين " وكان يقول: لا ينبغي لحامل القرآن العظيم أن يدنس فمه بكلام حرام ولا أكل حرام في عرض مؤمن، ولا مؤمنة قال تعالى: " إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة " " النور: 23 " الآية، ومثال من ينطق بالقرآن العظيم مع تدنس فمه بشيبة أو نميمة أو بهتان مثال من وضع المصحف في قاذورة، وقد قال: العلماء بكفره، وكان يقول: يا أولادي لا يسر أحدكم سريرة سيئة فإن الله تعالى سيظهر ما كنتم تكتمون، وما كنتم تخفون، وما كنتم تستترون، وينادي عليكم بالصريح، والتوبيخ فلان عمل كذا وكذا، وكان يستتر من الناس، ولا يستتر من الله تعالى فلان كان يرتكب المحارم، والقبائح، ويظهر للناس الصلاح زورا، وبهتانا فلان كان يطلق بصره إلى النساء، ويدعي أنها نظرة فجأة، وهو يعطف طرفه، ويميل كأنه لص سارق فيا فضيحة من تزيا بزي الفقراء، وخالف طريقهم فيا أولادي جميعكم إنما كلامي مواعظ وتذكير، وتحذير، وترغيب لمن يتأدب وكان رضي الله عنه يقول: يا أولادي لا تصحبوا غير شيخكم، واصبروا على جفاه فإنه ربما امتحنكم ليريد بكم الخير، وأن تكونوا محلا لأسراره، ومطلعا لأنواره ليرقيكم بذلك إلى معرفة الله عز وجل فمن أشغل قلبه بمحبة شيخه رقاه الله عز وجل، ولولا أن الشيخ سلم لترقية المريدين لمقت الله تعالى كل قلب، وجد فيه محبة لسواه فإن الله تعالى غيور، وكان يقول: يا أولاد قلبي إن أردتم أن تنادوا يوم المنة بيا أيتها النفس المطمئنة فليكن طعامكم الذكر، وقولكم الفكر، وخلوتكم الأنس، واشتغالكم بالله تعالى لا خوف عقاب، ولا رجاء ثواب، ولا بد لكل من معلم، ونحن ننتظر من فيض ما أفاض الله علينا، ولا نعرف غير طريق ربنا. ثم علم مكسوب من الكتب، وعلم موهوب من قبل ربنا، وكان يقول: المراقب لا يتفرغ لطلب المكاسب، وكل من ادعى الحب، ولم يفنه الحب فهو لا شيء.

وكان يقول: إذا تجلى عروس الكلام في رتبة الإلهام طلعت شموس المعارف، وتجلى البدر المنير في الليل البهيم فهم سكرى الظواهر صحوى البواطن، والضمائر إذا جن عليهم الليل باتوا قائمين فإذا ذهب عليهم نسيم السحر مالوا مستغفرين فلما رجعوا عند الفجر بالأجر نادى منادي الهجر يا خيبة النائمين، وكان يقول: من لم ينخلع من طوره ويخرج عن نفسه، ويأتي هو بلا هو لا يجد عند ذلك هو وقد بالغت لكم جهدي في النصح فإن اتبعتم أفلحتم، وكان يقول: يا ولدي البس قميص الفقر النظيف الظريف، ما الأمر بلبس الثياب، ولا بسكنى القباب، والخانقات، ولا بالزاويات، ولا بلبس العبايات، ولا بلبس القباء الأزرق، ولا حف الشوارب ولا بلبس الصوف، ولا بالنعل المخصوف إنما الفقر أن تخلص عملك كله في قلبك

Sayfa 151