74

Parlak Işıkların ve Kalıcı Sırların Işıltıları

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Yayıncı

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

1402 AH

Yayın Yeri

دمشق

[الْمُقَدَّمَةُ فِي تَرْجِيحِ مَذْهَبِ السَّلَفِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْمَذَاهِبِ]
[افتراق الأمة على بضع وسبعين فرقة]
وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يُفِيدُ أَنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ وَالدِّيَانَةِ، وَالْمَعْرِفَةِ وَالصِّيَانَةِ، وَالسُّنَّةِ وَالْأَمَانَةِ، وَإِنَّمَا نُسِبَ لِإِمَامِنَا الْإِمَامِ أَحْمَدَ ﵁ ; لِأَنَّهُ انْتَهَى إِلَيْهِ مِنَ السُّنَّةِ، وَنُصُوصِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَكْثَرُ مِمَّا انْتَهَى إِلَى غَيْرِهِ، وَابْتُلِيَ بِالْمِحْنَةِ وَالرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ، فَصَارَ إِمَامًا فِي السُّنَّةِ أَظْهَرَ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ الْمَغَارِبَةِ: الْمَذْهَبُ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَالظُّهُورُ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. فَالَّذِي عَلَيْهِ أَحْمَدُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأَئِمَّةِ، وَإِنْ زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ، وَإِظْهَارِ الْحَقِّ، وَدَفْعِ الْبَاطِلِ.
«اعْلَمْ هُدِيتَ أَنَّهُ جَاءَ الْخَبَرْ ... عَنِ النَّبِيِّ الْمُقْتَفَى خَيْرِ الْبَشَرْ»
«بِأَنَّ ذِي الْأُمَّةَ سَوْفَ تَفْتَرِقْ ... بِضْعًا وَسَبْعِينَ اعْتِقَادًا وَالْمُحِقْ»
«مَا كَانَ فِي نَهْجِ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى ... وَصَحْبِهِ مِنْ غَيْرِ زَيْغٍ وَجَفَا»
«اعْلَمْ» فِعْلُ أَمْرٍ مِنَ الْعِلْمِ، وَهُوَ حُكْمُ الذِّهْنِ الْجَازِمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ، أَيْ كُنْ مُتَهَيِّئًا وَمُتَفَهِّمًا لِإِدْرَاكِ مَا يُلْقَى إِلَيْكَ مِنَ الْعُلُومِ، وَمَا فِي ضِمْنِ الْمَنْثُورِ مِنْ كَلَامِي وَالْمَنْظُومِ، (هُدِيتَ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ دُعَائِيَّةٌ مِنَ الْهِدَايَةِ، وَهِيَ الدَّلَالَةُ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الدَّلَالَةُ الْمُوصِلَةُ إِلَى الْمَطْلُوبِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ، (أَنَّهُ) أَيِ: الشَّأْنَ وَالْأَمْرَ، (جَاءَ الْخَبَرُ) يَعْنِي الْحَدِيثَ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ، (عَنِ النَّبِيِّ) الْمُصْطَفَى وَالْحَبِيبِ، (الْمُقْتَفَى) أَيِ الْمُخْتَصِّ الْمُتَّبَعِ، وَمِنْ أَسْمَائِهِ ﷺ الْمُقَفَّى، قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هُوَ الْمُوَلِّي الذَّاهِبُ وَقَدْ قَفَّى يُقَفَّى فَهُوَ مُقَفٍّ، يَعْنِي أَنَّهُ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَّبِعُ لَهُمْ، فَإِذَا قَفَّى فَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ " زَادِ الْمَعَادِ فِي هَدْيِ خَيْرِ الْعِبَادِ ": الْمُقَفَّى الَّذِي قَفَّى عَلَى آثَارِ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنَ الرُّسُلِ، فَقَفَّى اللَّهُ بِهِ عَلَى آثَارِ مَنْ سَبَقَهُ مِنْهُمْ، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْقَفْوِ، قَفَاهُ يَقْفُوهُ إِذَا تَأَخَّرَ عَنْهُ، (خَيْرِ الْبَشَرْ) بَلْ خَيْرُ جَمِيعِ الْخَلْقِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ، فَهُوَ سَيِّدُ الْعَالَمِ وَصَفْوَةُ بَنِي آدَمَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللَّهِ، وَخَيْرُ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

1 / 74