70

Parlak Işıkların ve Kalıcı Sırların Işıltıları

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Yayıncı

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

1402 AH

Yayın Yeri

دمشق

عَمَّا سِوَاهُ مَزِيدَ امْتِيَازٍ، فَإِنَّ الْعُلُومَ إِنَّمَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ بِامْتِيَازِ الْمَوْضُوعَاتِ، وَأَنْ يُصَدِّقَ بِغَايَةِ مَا لَهُ، وَإِلَّا كَانَ طَلَبُهُ وَاجْتِهَادُهُ عَبَثًا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُعْتَدًّا بِهَا بِالنَّظَرِ لِمَشَقَّةِ التَّحْصِيلِ، وَإِلَّا فَرُبَّمَا فَتَرَ جَدُّهُ، وَأَنْ تَكُونَ مُتَرَتِّبَةً عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَطْلُوبِ، وَإِلَّا فَرُبَّمَا زَالَ اعْتِقَادُهَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ، فَيَصِيرُ سَعْيُهُ فِي تَحْصِيلِهِ عَبَثًا فِي نَظَرِهِ، فَإِذَا عَلِمْتَ هَذَا، (فَحَدُّ) هَذَا الْعِلْمِ الْمُسَمَّى بِأُصُولِ الدِّينِ وَبِعِلْمِ الْعَقَائِدِ، وَبِعِلْمِ التَّوْحِيدِ، وَبِعِلْمِ الْكَلَامِ، الْعِلْمُ بِالْعَقَائِدِ الدِّينِيَّةِ عَنِ الْأَدِلَّةِ الْيَقِينِيَّةِ، أَيِ الْعِلْمُ بِالْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ الِاعْتِقَادِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ مِنْ أَدِلَّتِهَا الْيَقِينِيَّةِ.
وَالْمُرَادُ بِالْعَقَائِدِ الدِّينِيَّةِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى دِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ سَوَاءٌ تَوَقَّفَتْ عَلَى الشَّرْعِ كَالسَّمْعِيَّاتِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ الدِّينِ فِي الْوَاقِعِ كَكَلَامِ أَهْلِ الْحَقِّ أَوْ لَا كَكَلَامِ الْمُخَالِفِ، وَاعْتُبِرَ فِي أَدِلَّتِهَا الْيَقِينُ ; لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ فِي هَذَا الْعِلْمِ بَلْ فِي الْعَمَلِيَّاتِ، وَخَرَجَ عَنِ التَّعْرِيفِ الْعِلْمُ بِغَيْرِ الشَّرْعِيَّاتِ وَبِالشَّرْعِيَّاتِ الْفَرْعِيَّةِ وَعِلْمِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَالْمُلْكِ، وَعِلْمِ الرَّسُولِ ﵊ بِالِاعْتِقَادِيَّاتِ، وَدَخَلَ عِلْمُ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ كَلَامٌ وَأُصُولٌ وَعَقَائِدُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُسَمَّى فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بِهَذَا الِاسْمِ حَيْثُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِجَمِيعِ الْعَقَائِدِ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ الْبَشَرِيَّةِ، مُكْتَسَبًا مِنَ النَّظَرِ فِي الْأَدِلَّةِ الْيَقِينِيَّةِ، أَوْ كَانَ مَلَكَةً تَتَعَلَّقُ بِهَا بِأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمَآخِذِ وَالشَّرَائِطِ مَا يَكْفِيهِمْ فِي اسْتِحْضَارِ الْعَقَائِدِ عَلَى مَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِنَا: الْعِلْمُ بِالْعَقَائِدِ مِنَ الْأَدِلَّةِ، وَمَوْضُوعُ كُلِّ عِلْمٍ شَرْعِيًّا كَانَ أَوْ عَقْلِيًّا، مَا يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ عَوَارِضِهِ الذَّاتِيَّةِ، (فَمَوْضُوعُ) هَذَا الْعِلْمِ الْبَحْثُ عَنْ أَحْوَالِ الصَّانِعِ - سُبْحَانَهُ - مِنَ الْقِدَمِ وَالْوَحْدَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَكَذَلِكَ مَا يَبْحَثُ عَنِ الْجَوَاهِرِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَجْسَامِ وَالْحُدُوثِ وَالِافْتِقَارِ وَالتَّرْكِيبِ مِنَ الْأَجْزَاءِ، وَقَبُولِ الْفَنَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ - تَعَالَى، (وَغَايَتُهُ) أَنْ يَصِيرَ الْإِيمَانُ وَالتَّصْدِيقُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مُتْقَنًا مُحْكَمًا، لَا تُزَلْزِلُهُ شُبَهُ الْمُبْطِلِينَ، فَيَرْتَقِي مِنْ حَضِيضِ التَّقْلِيدِ إِلَى ذُرْوَةِ الْإِيقَانِ بِسَبَبِ التَّمَكُّنِ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ، وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَيْضًا إِرْشَادُ الطَّالِبِينَ، وَإِلْزَامُ الْمُعَانِدِينَ بِإِقَامَةِ الْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ، وَنَفْضِ غُبَارِ شُبَهِ

1 / 70