331

Parlak Işıkların ve Kalıcı Sırların Işıltıları

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Yayıncı

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Baskı

الثانية

Yayın Yılı

1402 AH

Yayın Yeri

دمشق

Türler
Hanbali
İmparatorluklar
Osmanlılar
بَلَغْتَ اخْتَرْتَ الْكُفْرَ، فَكَانَ الْأَصْلَحُ لَكَ فِي حَقِّكَ أَنْ أَمَتُّكَ صَغِيرًا. قَالَ الْأَشْعَرِيُّ: فَإِنْ قَالَ الثَّانِي: يَا رَبِّ لِمَ لَمْ تُمِتْنِي صَغِيرًا لِئَلَّا أَعْصِيَ فَلَا أَدْخُلَ النَّارَ، مَاذَا يَقُولُ الرَّبُّ؟ فَبُهِتَ الْجُبَّائِيُّ، وَكَانَ الْأَشْعَرِيُّ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ، فَتَرَكَ مَذْهَبَهُ. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ أَوَّلًا مُعْتَزِلِيًّا، ثُمَّ تَابَ مِنَ الْقَوْلِ بِالْعَدْلِ وَخَلْقِ الْقُرْآنِ، فَقَامَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِالْبَصْرَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَرَقَى كُرْسِيًّا، وَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا أُعَرِّفُهُ بِنَفْسِي، أَنَا فُلَانٌ ابْنُ فُلَانٍ، كُنْتُ أَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَا يُرَى بِالْأَبْصَارِ، وَأَنَّ أَفْعَالَ الْبَشَرِ أَنَا أَفْعَلُهَا، وَأَنَا تَائِبٌ مُقْلِعٌ مُعْتَقِدٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ مُخْرِجٌ لِفَضَائِحِهِمْ وَمَعَايِبِهِمْ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: مَوْلِدُ الْأَشْعَرِيِّ سَنَةَ سَبْعِينَ، وَقِيلَ: سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بِالْبَصْرَةِ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَدُفِنَ بَيْنَ الْكَرْخِ وَبَابِ الْبَصْرَةِ. انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ: فَإِذَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَوِ اخْتَرَمَ الْعَبْدَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَكَمَالِ الْعَقْلِ لَكَانَ نَاجِيًا، وَلَوْ أَمْهَلَهُ وَسَهَّلَ عَلَيْهِ النَّظَرَ لَعَنَدَ وَكَفَرَ وَجَحَدَ، فَكَيْفَ يُقَالُ إِنَّ الْأَصْلَحَ فِي حَقِّهِ إِبْقَاؤُهُ حَتَّى يُبْلُغَ، قَالَ: وَالْمَقْصُودُ عِنْدَكُمْ - يَعْنِي الْمُعْتَزِلَةَ الْقَائِلِينَ بِالْأَصْلَحِ - بِالتَّكْلِيفِ الِاسْتِصْلَاحُ، وَالتَّفْوِيضُ بِأَسْنَى الدَّرَجَاتِ الَّتِي لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْأَعْمَالِ.
وَأَيْضًا قَالَ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْأَصْلَحِ: الرَّبُّ - تَعَالَى - قَادِرٌ عَلَى التَّفَضُّلِ بِمِثْلِ الثَّوَابِ ابْتِدَاءً بِلَا وَاسِطَةِ عَمَلٍ، فَأَيُّ غَرَضٍ لَهُ فِي تَعْرِيضِ الْعِبَادِ لِلْبَلْوَى، وَالْمَشَاقِّ؟ وَكَوْنُهُ - تَعَالَى - قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ حَقٌّ، ثُمَّ كَذَّبُوا وَافْتَرَوْا فَقَالُوا: الْغَرَضُ فِي التَّكْلِيفِ أَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمُسْتَحِقِّ حَقَّهُ أَهْنَأُ وَأَلَذُّ مِنْ قَبُولِ التَّفَضُّلِ وَاحْتِمَالِ الْمِنَّةِ.
وَهَذَا كَلَامُ أَجْهَلِ الْخَلْقِ بِالرَّبِّ - تَعَالَى - وَبِحَقِّهِ وَعَظَمَتِهِ، وَمُسَاوَاةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آحَادِ النَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَقْبَحِ التَّشْبِيهِ وَأَخْبَثِهِ، تَعَالَى عَنْ ضَلَالِهِمْ وَإِفْكِهِمْ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَأَيْضًا يَلْزَمُ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الْأَصْلَحِ أَنْ يُوجِبُوا عَلَى اللَّهِ ﷿ أَنْ يُمِيتَ كُلَّ مَنْ عَلِمَ مِنَ الْأَطْفَالِ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ لَكَفَرَ وَعَانَدَ، فَإِنَّ اخْتِرَامَهُ هُوَ الْأَصْلَحُ لَهُ بِلَا رَيْبٍ، أَوْ أَنْ يَجْحَدُوا عِلْمَهُ سُبْحَانَهُ بِمَا سَيَكُونُ قَبْلَ كَوْنِهِ الْتَزَمَهُ سَلَفُهُمُ الْخَبِيثُ الَّذِينَ اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ عَلَى تَكْفِيرِهِمْ، وَلَا خَلَاصَ لَهُمْ عَنْ أَحَدِ هَذَيْنِ الْإِلْزَامَيْنِ إِلَّا بِالْتِزَامِ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ أَنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ شَرَائِعِ عُقُولِهِمُ الْقَاصِرَةِ، وَلَا تُقَاسُ بِأَفْعَالِهِمُ الْخَاسِرَةِ، بَلْ

1 / 331