Parlak Işıkların ve Kalıcı Sırların Işıltıları
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Yayıncı
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Baskı Numarası
الثانية-١٤٠٢ هـ
Yayın Yılı
١٩٨٢ م
Yayın Yeri
دمشق
فِي الرَّحْمَنِ، لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِي الدَّوَرَانِ.
وَإِطْلَاقُ الْمَصْدَرِ وَإِرَادَةُ اسْمِ الْفَاعِلِ أَوِ اسْمِ الْمَفْعُولِ شَائِعٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بِمَعْنَى الْمَأْلُوهِ إِلَيْهِ، أَيِ الْمُعْتَمَدِ عَلَيْهِ، الْمُتَذَلَّلِ لَهُ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ، أَوِ الْمَأْلُوهِ فِيهِ، أَيِ الْمُتَحَيَّرِ فِيهِ لِدِقَّةِ طَرِيقِ مَعْرِفَتِهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ اللَّهْوِ، يَعْنِي الطَّرَبَ وَشِدَّةَ الْفَرَحِ وَاللَّعِبَ، مِنْ لَهَّى يُلَهَّى بِفَتْحِ وَسَطِهِ، لَكِنْ حُذِفَتِ الْوَاوُ مِنْ لَهْوٍ، فَصَارَ: (لَهٌ)، فَأُدْخِلَتْ أَدَاةُ التَّعْرِيفِ، وَزِيدَتِ الْأَلِفُ بَيْنَ اللَّامِ وَالْهَاءِ ; لِتَكُونَ كَالْعِوَضِ عَنِ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ كَمَا مَرَّ، وَمَعْنَاهُ الْمَلْهُوُّ بِهِ، أَيِ الْمَطْرُوبُ وَالْمَفْرُوحُ بِهِ، يَعْنِي عِنْدَ مَعْرِفَتِهِ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ اللَّوْهِ أَيِ الِاسْتِتَارِ، مِنْ لَاهَ يَلُوهُ إِذَا اسْتَتَرَ، لَكِنْ قُلِبَتِ الْوَاوُ مِنْ لَوْهٍ أَلِفًا، فَصَارَ: (لَاهٌ)، فَأُدْخِلَتْ أَلْ عَلَيْهِ، فَصَارَ: اللَّاهُ، فَحُذِفَتِ الْأَلِفُ خَطًّا كَمَا مَرَّ. وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الِاشْتِقَاقِ فَقَدْ سَلِمَ مِنْ هَذِهِ التَّكَلُّفَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) اسْمَانِ مُشْتَقَّانِ مِنْ رَحِمَ بِجَعْلِهِ لَازِمًا، بِنَقْلِهِ إِلَى بَابِ فَعُلَ بِضَمِّ الْعَيْنِ، أَوْ بِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ، إِذْ هُمَا صِفَتَانِ مُشَبَّهَتَانِ، وَهِيَ لَا تُشْتَقُّ مِنْ مُتَعَدٍّ، وَالرَّحْمَنُ أَبْلَغُ مِنَ الرَّحِيمِ ; لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى غَالِبًا، كَمَا فِي قَطَعَ وَقَطَّعَ، وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ يُفِيدُ نَاقِصُ الْبِنَاءِ مَا لَا يُفِيدُهُ زَائِدُهُ مِنَ الْمُبَالَغَةِ، كَحَذِرٍ وَحَاذِرٍ، فَإِنَّ حَذِرًا أَبْلَغُ مِنْ حَاذِرٍ، فَالرَّحْمَنُ صِفَةٌ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى كَثِيرِ الرَّحْمَةِ جِدًّا، ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الْبَالِغِ فِي الرَّحْمَةِ غَايَتَهَا وَهُوَ اللَّهُ، وَالرَّحِيمُ ذُو الرَّحْمَةِ الْكَثِيرَةِ، وَأَتَى بِهِ بَعْدَ الرَّحْمَنِ الدَّالِّ عَلَى جَلَائِلِ النِّعَمِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ دَقَائِقِ الرَّحْمَةِ وَإِنْ ذُكِرَ بَعْدَمَا دَلَّ عَلَى جَلَائِلِهَا الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ هُوَ مَقْصُودٌ أَيْضًا، وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُلْتَفَتٍ إِلَيْهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ: الرَّحْمَنُ هُوَ الْمُحْسِنُ بِإِعْطَاءِ الْأُمُورِ الْمَلَكُوتِيَّةِ، مِثْلَ: الرُّوحِ وَالْعَقْلِ وَالْإِيمَانِ وَالشَّهْوَةِ وَالْقُدْرَةِ وَنَحْوِهَا، وَقِيلَ: هُوَ الْمُحْسِنُ فِي الدُّنْيَا لِعُمُومِ إِحْسَانِهِ ; لِأَنَّهُ يَعُمُّ بِإِحْسَانِهِ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ وَغَيْرَهُمَا، وَالرَّحِيمُ بِالضِّدِّ، فَبِاعْتِبَارِ كَوْنِ الرَّحْمَنِ لِلدُّنْيَا يَكُونُ الرَّحِيمُ لِلْآخِرَةِ، وَبِكَوْنِهِ لِلْمَلَكُوتِيَّةِ يَكُونُ الرَّحِيمُ لِعَالَمِ الشَّهَادَةِ مِنْ إِعْطَاءِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالْمَلْبُوسِ إِلَى غَيْرِ
1 / 31