265

Parlak Işıkların ve Kalıcı Sırların Işıltıları

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Yayıncı

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

1402 AH

Yayın Yeri

دمشق

فِي كِتَابِ الزُّهْدِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ ﷿ قَالَ لِمُوسَى ﵇ حِينَ كَلَّمَهُ: اعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا وَأَخَافَهُ فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَبَادَأَنِي وَعَرَّضَ نَفْسَهُ وَدَعَانِي إِلَيْهَا، وَأَنَا أَسْرَعُ شَيْءٍ إِلَى نُصْرَةِ أَوْلِيَائِي، أَفَيَظُنُّ الَّذِي يُحَارِبُنِي أَنْ يَقُومَ لِي، أَوْ يَظُنُّ الَّذِي يُعَاجِزُنِي أَنْ يُعْجِزَنِي، أَمْ يَظُنُّ الَّذِي يُبَارِزُنِي أَنْ يَسْبِقَنِي أَوْ يَفُوتَنِي، وَكَيْفَ وَأَنَا الثَّائِرُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلَا أَكِلَ نُصْرَتَهُمْ إِلَى غَيْرِي»، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ حَارَبَهُ، لَكِنْ كُلَّمَا كَانَ الذَّنْبُ أَقْبَحَ كَانَ أَشَدَّ مُحَارَبَةً لِلَّهِ تَعَالَى.
وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى أَكَلَةَ الرِّبَا وَقُطَّاعَ الطُّرُقِ مُحَارِبِينَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ لِعِظَمِ ظُلْمِهِمْ لِعِبَادِهِ وَسَعْيِهِمْ بِالْفَسَادِ فِي بِلَادِهِ، وَكَذَلِكَ مُعَادَاةُ أَوْلِيَائِهِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَتَوَلَّى نُصْرَةَ أَوْلِيَائِهِ وَيُحِبُّهُمْ وَيُؤَيِّدُهُمْ فَمَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ عَادَى اللَّهَ وَحَارَبَهُ، فَإِذَا كَانَ مَنْ وَالَى اللَّهَ تَعَالَى بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ مِنَ الْحِفْظِ وَالْإِعْزَازِ وَالنُّصْرَةِ لَهُ مِنْ قِبَلِ الْعَزِيزِ الْقَهَّارِ، وَتَوَعُّدِ مَنْ عَادَاهُ وَآذَاهُ بِمُعَادَاةِ الْقَوِيِّ الْجَبَّارِ، فَلَهُ الْبِشَارَةُ الْعُظْمَى وَالْمَسَرَّةُ وَالْمَنْزِلَةُ الْعُلْيَا وَالْمَبَرَّةُ. وَقَدْ قَدَّمْنَا غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ الْحَقَّ ﷿ مَوْصُوفٌ بِكُلِّ كَمَالٍ، مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْمُتَعَالِ.
تَنْبِيهٌ
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - جِمَاعُ الْأَمْرِ أَنَّ الْأَقْسَامَ الْمُمْكِنَةَ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِهَا سِتَّةُ أَقْسَامٍ، كُلُّ قِسْمٍ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، قِسْمَانِ يَقُولَانِ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَقِسْمَانِ يَقُولَانِ عَلَى خِلَافِ ظَوَاهِرِهَا، وَقِسْمَانِ يَسْكُتَانِ، فَأَمَّا الْأَوَّلَانِ فَأَحَدُهُمَا مَنْ يُجْرِيهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مَنْ جِنْسِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ فَهَؤُلَاءِ الْمُشَبِّهَةُ وَمَذْهَبُهُمْ بَاطِلٌ، أَنْكَرَهُ السَّلَفُ وَعَلَيْهِمْ تَوَجَّهَ الرَّدُّ بِالْحَقِّ، الثَّانِي مِنْ يُجْرِيهَا عَلَى ظَاهِرِهَا اللَّائِقِ بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ، كَمَا يَجْرِي اسْمُ الْعَلِيمِ وَالْقَدِيرِ وَالرَّبِّ وَالْإِلَهِ وَالْمَوْجُودِ وَالذَّاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهَا اللَّائِقِ بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ ظَوَاهِرَ هَذِهِ الصِّفَاتِ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِينَ إِمَّا جَوْهَرٌ مُحْدَثٌ، وَإِمَّا عَرَضٌ قَائِمٌ، فَالْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ وَالْكَلَامُ وَالْمَشِيئَةُ وَالرَّحْمَةُ وَالرِّضَا وَالْغَضَبُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْعَبْدِ أَعْرَاضٌ وَالْوَجْهُ وَالْيَدَانِ وَالْعَيْنُ فِي حَقِّهِ أَجْسَامٌ فَإِذَا كَانَ اللَّهُ

1 / 265