Parlak Işıkların ve Kalıcı Sırların Işıltıları
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Yayıncı
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
1402 AH
Yayın Yeri
دمشق
Türler
İnançlar ve Mezhepler
وَالْأَكْلِ مَعَ الْمَأْكُولِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَفْسُهُ الْمُكَوَّنَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُكَوَّنُ مُكَوَّنًا مَخْلُوقًا بِنَفْسِهِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ مُكَوَّنٌ بِالتَّكْوِينِ الَّذِي هُوَ عَيْنُهُ، فَيَكُونُ قَدِيمًا مُسْتَغْنِيًا عَنِ الصَّانِعِ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلْخَالِقِ تَعَلُّقٌ بِالْعَالَمِ سِوَى أَنَّهُ أَقْدَمُ مِنْهُ وَقَادِرٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ صُنْعٍ وَتَأْثِيرٍ فِيهِ ضَرُورَةَ تَكَوُّنِهِ بِنَفْسِهِ، وَهَذَا لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ خَالِقًا وَالْعَالَمَ مَخْلُوقًا، فَلَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ خَالِقُ الْعَالَمِ وَصَانِعُهُ، هَذَا خُلْفٌ وَأَنْ لَا يَكُونَ اللَّهُ مُكَوِّنًا لِلْأَشْيَاءِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْمُكَوِّنِ إِلَّا مَنْ قَامَ بِهِ التَّكْوِينُ، وَالتَّكْوِينُ إِذَا كَانَ عَيْنَ الْمُكَوَّنِ لَا يَكُونُ قَائِمًا بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ يَصِحَّ الْقَوْلُ بِأَنَّ خَالِقَ سَوَادِ هَذَا الْحَجَرِ أَسْوَدُ، وَهَذَا الْحَجَرُ خَالِقُ السَّوَادِ إِذْ لَا مَعْنَى لِلْخَالِقِ وَالْأَسْوَدِ إِلَّا مَنْ قَامَ بِهِ الْخَلْقُ وَالسَّوَادُ، وَهُمَا وَاحِدٌ فَمَحَلُّهُمَا وَاحِدٌ، هَذَا كُلُّهُ تَنْبِيهٌ عَلَى كَوْنِ الْحُكْمِ بِتَغَايُرِ الْفِعْلِ وَالْمَفْعُولِ ضَرُورِيًّا.
ثُمَّ قَالَ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ: وَهَذَا - يَعْنِي إِبْطَالَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفِعْلَ هُوَ الْمَفْعُولُ - لَا يَتِمُّ إِلَّا بِإِثْبَاتِ أَنَّ تَكَوُّنَ الْأَشْيَاءِ وَصُدُورِهَا عَنِ الْبَارِي تَعَالَى، يَتَوَقَّفُ عَلَى صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ قَائِمَةٍ بِالذَّاتِ، مُغَايِرَةٍ لِلْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ.
قَالَ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ تَعَلُّقَ الْقُدْرَةِ عَلَى وَفْقِ الْإِرَادَةِ بِوُجُودِ الْمَقْدُورِ لِوَقْتِ وُجُودِهِ إِذَا نُسِبَ إِلَى الْقُدْرَةِ يُسَمَّى إِيجَابَهَا لَهُ وَإِذَا نُسِبَ إِلَى الْقَادِرِ يُسَمَّى الْخَلْقَ وَالتَّكْوِينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَحَقِيقَتُهُ كَوْنُ الذَّاتِ بِحَيْثُ تَعَلَّقَتْ قُدْرَتُهُ بِوُجُودِ الْمَقْدُورِ لِوَقْتِهِ، ثُمَّ يَتَحَقَّقُ بِحَيْثُ خُصُوصِيَّاتِ الْمَقْدُورَاتِ خُصُوصِيَّاتُ الْأَفْعَالِ كَالتَّرْزِيقِ وَالتَّصْوِيرِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَى مَا لَا يَكَادُ يَتَنَاهَى.
قَالَ: وَأَمَّا كَوْنُ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ صِفَةً حَقِيقِيَّةً أَزَلِيَّةً، فَمِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَفِيهِ تَكْثِيرٌ لِلْقُدَمَاءِ جِدًّا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَغَايِرَةً. قَالَ: وَالْأَقْرَبُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمْ، وَهُوَ أَنَّ مَرْجِعَ الْكُلِّ إِلَى التَّكْوِينِ فَإِنَّهُ إِنْ تَعَلَّقَ بِالْحَيَاةِ سُمِّيَ إِحْيَاءً، وَبِالْمَوْتِ إِمَاتَةً، وَبِالصُّورَةِ تَصْوِيرًا، وَبِالرِّزْقِ تَرْزِيقًا، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَالْكُلُّ تَكْوِينٌ، وَإِنَّمَا الْخُصُوصُ بِخُصُوصِيَّةِ التَّعَلُّقَاتِ، انْتَهَى.
وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ يَعْنِي عُلَمَاءَ الْكَلَامِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ الَّذِي لَا يُعْدَلُ عَنْهُ إِلَّا إِلَى آرَاءٍ مُتَهَافِتَةٍ وَتَخَيُّلَاتٍ مُتَفَاوِتَةٍ وَنُحَاتَةِ
1 / 255