198

Parlak Işıkların ve Kalıcı Sırların Işıltıları

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Yayıncı

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

1402 AH

Yayın Yeri

دمشق

قَالَ ﷿ ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] وَلَا تَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فِي الْقَوْلِ، بَلْ نَقُولُ اسْتَوَى بِلَا كَيْفٍ، وَأَنَّهُ نُورٌ كَمَا قَالَ ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٧] . إِلَى قَالَ: وَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا إِلَّا مَا وَجَدُوهُ مِنَ الْكِتَابِ أَوْ جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
قَالَ: وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ إِنَّ اللَّهَ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ بِمَعْنَى اسْتَوَى. هَذَا نَصُّ كَلَامِهِ.
فَالْأَشْعَرِيُّ إِنَّمَا حَكَى تَأْوِيلَ الِاسْتِوَاءِ بِالِاسْتِيلَاءِ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ، وَصَرَّحَ بِخِلَافِهِ، وَأَنَّهُ خَالَفَ قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مُحْيِي السُّنَّةِ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ فِي تَفْسِيرِهِ تَابِعًا لِأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ مُتَكَلِّمِي الْأَشْعَرِيَّةِ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ تَقُولُونَ إِنَّهُ تَعَالَى فِي كُلِّ مَكَانٍ؟ قِيلَ لَهُ مَعَاذَ اللَّهِ، بَلْ هُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ، وَقَالَ: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: ١٠] . وَسَاقَ الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ كَانَ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَكَانَ فِي بَطْنِ الْإِنْسَانِ وَالْحُشُوشِ، وَلَصَحَّ أَنْ يُرْغَبَ إِلَيْهِ نَحْوَ الْأَرْضِ، وَإِلَى خَلْفِنَا، وَيَمِينِنَا، وَشِمَالِنَا.
قَالَ: وَهَذَا قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى خِلَافِهِ، وَتَخْطِئَةِ قَائِلِهِ، وَأَطَالَ فِي الِاسْتِدْلَالِ فِي كِتَابِهِ (التَّمْهِيدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ) وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ كُتُبِهِ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ -: وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ صَارَ مُنْتَسِبًا إِلَى بَعْضِ طَوَائِفِ الْمُتَكَلِّمِينَ، مُتَوَهِّمًا أَنَّهُمْ حَقِّقُوا فِي هَذَا الْبَابِ مَا لَمْ يُحَقِّقْهُ غَيْرُهُمْ، فَلَوْ أُتِيَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعَهَا حَتَّى يُؤْتِيَ بِشَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِمْ، ثُمَّ هُمْ مَعَ هَذَا مُخَالِفُونَ لِأَسْلَافِهِمْ غَيْرُ مُتَّبِعِينَ لَهُمْ.
قَالَ: وَمَنْ كَانَ لَا يَقْبَلُ الْحَقَّ إِلَّا مِنْ طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلَا يَتَّبِعُ مَا جَاءَهُ مِنَ الْحَقِّ فَفِيهِ شَبَهٌ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ﴾ [البقرة: ٩١] فَكَذَلِكَ مَنْ يَتَعَصَّبُ لِطَائِفَةٍ بِلَا بُرْهَانٍ مِنَ اللَّهِ. انْتَهَى.
[نفي استلزام القول بالاستواء والعلو للتجسيم وبعض ما نقل عن السلف في الاستواء]
إِذَا عَلِمْتَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَظُنُّونَ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْجِهَةِ أَوِ الِاسْتِوَاءِ هُوَ مِنَ الْمُجَسِّمَةِ، لِأَنَّهُمْ يَتَوَهَّمُونَ أَنَّ مَنْ لَازَمَ ذَلِكَ التَّجْسِيمَ، وَهَذَا وَهْمٌ فَاسِدٌ، وَظَنٌّ كَاذِبٌ، وَحَدْسٌ حَائِدٌ، لِأَنَّا نَقُولُ أَوَّلًا لِمَنِ ارْتَكَبَ هَذَا الْمَرْكَبَ لَازِمُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ عِنْدَ أَئِمَّةِ أَهْلِ التَّحْقِيقِ، وَذَوِي النَّبَاهَةِ وَالْمَعْرِفَةِ

1 / 198