Parlak Işıkların ve Kalıcı Sırların Işıltıları
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Yayıncı
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Baskı Numarası
الثانية-١٤٠٢ هـ
Yayın Yılı
١٩٨٢ م
Yayın Yeri
دمشق
قَالَ: " ائْتُونِي بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاسٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدِي. عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوَاطِنِهِ، وَقَدْ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقُوا عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ» ". وَهُوَ ﷺ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ، وَمَتَى افْتَرَقَتْ خَالَفَ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَمَتَى خَالَفَتْ تَمَسَّكَتْ بِشُبَهٍ وَحُجَجٍ، وَنَاظَرَ كُلَّ فِرْقَةٍ مَنْ تُخَالِفُهَا، فَانْفَتَحَ بَابُ الْجَدَلِ، وَاحْتَاجَ كُلُّ أَحَدٍ إِلَى تَرْجِيحِ مَذْهَبِهِ وَقَوْلِهِ بِحُجَّةٍ عَقْلِيَّةٍ أَوْ نَقْلِيَّةٍ أَوْ مُرَكَّبَةٍ مِنْهُمَا، فَهَذَا الْأَمْرُ كَانَ مَأْمُونًا قَبْلَ الْمَأْمُونِ، نَعَمْ زَادَ الشَّرُّ وَالضَّرَرُ، وَقَوِيَتْ بِهِ حُجَجُ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَخَذَ أَصْحَابُ الْأَهْوَاءِ وَمُخَالِفُو السُّنَّةِ مُقَدِّمَاتٍ عَقْلِيَّةً مِنَ الْفَلَاسِفَةِ، فَأَدْخَلُوهَا فِي مَبَاحِثِهِمْ، وَفَرَّجُوا بِهَا مَضَايِقَ جِدَالِهِمْ، وَبَنَوْا عَلَيْهَا قَوَاعِدَ بِدَعِهِمْ، فَاتَّسَعَ الْخَرْقُ عَلَى الرَّاقِعِ، وَكَادَ مَنَارُ الْحَقِّ الْوَاحِدِ يَشْتَبِهُ بِالثَّلَاثِ الْأَثَافِيِّ وَالرُّسُومِ الْبَلَاقِعِ، عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ الشَّرِيفَةَ مَرْفُوعَةُ الْمَنَارِ، مَأْمُونَةُ السِّرَارِ، خَافِقَةُ الْأَعْلَامِ، رَاسِخَةُ الْأَحْلَامِ، بَاهِرَةُ السَّنَا، سَاطِعَةُ الْجَنَى.
وَيَزِيدُهَا مَرُّ اللَّيَالِي جِدَّةً ... وَتَقَادُمُ الْأَيَّامِ حُسْنَ شَبَابِ
وَأَهْلُ السُّنَّةِ قَدْ فَتَحَ لَهُمُ السَّلَفُ الصَّالِحُ مُغْلَقَ أَبْوَابِهَا، وَذَلَّلُوا بِالشَّوَاهِدِ الصَّادِقَةِ الصَّادِعَةِ مَا جَمَحَ مِنْ صِعَابِهَا، وَأَطْلَقُوا نِيَرَهَا الْأَعْظَمَ، فَطَمَسَ مِنَ الْبِدَعِ تَأَلُّقَ شِهَابِهَا، وَأَجْنَوْا مَنِ اتَّبَعَ هَدْيَهُمْ ثَمَرَ الْيَقِينِ مُتَّحِدَ النَّوْعِ وَإِنْ كَانَ مُتَشَابِهًا، وَجَاسُوا خِلَالَ الْحَقِّ فَمَيَّزُوهُ، وَأَهْلُ مَكَّةَ أَخْبَرُ بِشِعَابِهَا.
وَمَنْ قَالَ إِنَّ الشُّهْبَ أَكْبَرُهَا السُّهَا ... بِغَيْرِ دَلِيلٍ كَذَّبَتْهُ الدَّلَائِلُ
وَمَا ذَكَرَهُ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ مِمَّا يُشَمُّ مِنْهُ رَائِحَةُ الْعُذْرِ لِلْمَأْمُونِ عَمَّا أَدْخَلَهُ عَلَى الْأُمَّةِ فِيهِ حَقٌّ وَبَاطِلٌ، فَأَصْلُ الْخِلَافِ كَانَ مَوْجُودًا إِلَّا أَنَّهُ فِي أُمُورٍ يَسْهُلُ بَعْضُهَا بِخِلَافِ مَا فَشَا بِفِتْنَةِ الْمَأْمُونِ. قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِهِ الْعَرْشِ: لَمَّا وَلِيَ الْمَأْمُونُ وَكَانَ مُتَكَلِّمًا عُرِّبَتْ لَهُ كُتُبُ الْأَوَائِلِ، فَدَعَا
1 / 10