Letaif-i Maarif
لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
Soruşturmacı
ياسين محمد السواس
Yayıncı
دار ابن كثير
Baskı
الخامسة
Yayın Yılı
1420 AH
Yayın Yeri
بيروت
Türler
Tasavvuf
الأجواد ولا يصلح أن يكون ذلك إلَّا لرسول الله ﷺ (^١):
تَعَوَّدَ بَسْطَ الكَفِّ حتَّى لَوَ أنَّه … ثَنَاها لِقَبْضٍ لم تُجِبْهُ أنامِلُه
ترَاهُ إذا ما جِئْتَهُ متهلِّلًا … كأنَّك تعطِيه الذي أنتَ سائِلُه
هُوَ البَحْرُ مِن أيِّ النَّواحِي أتيْتَهُ … فَلُجَّتُه المعروفُ والجُودُ ساحِلُه
ولو لم يكُن في كَفِّه غيرُ رُوحِه … لجادَ بها فَلْيَتَّقِ الله سائِلُه
سمعَ الشِّبْلِيُّ قائلًا يقولُ: يا الله! يا جوادُ! فتأوَّه وصَاحَ، وقال: كيفَ يمكنني أن أصفَ الحقِّ بالجودِ ومخلوق يقولُ في شكله، فذكر هذه الأبيات، ثم بكى، وقال: بلى يا جوادُ؛ فإنَّك أوجدْتَ تلك الجوارِحَ، وبسَطْتَ تلك الهمم، فأنتَ الجوادُ كُلَّ الجوادِ؛ فإنهم يُعطونَ عن محدودٍ وعطاؤكَ لا حدَّ له ولا صِفة، فيا جوادًا يعلو كُلَّ جوادٍ، وبه جادَ كُلُّ مَن جاد.
وفي تضاعُفِ جُودِهِ ﷺ في شهر رمضان بخصوصِه فوائدُ كثيرة؛
منها: شرفُ الزمان، ومضاعفَةُ أجرِ العمَلِ فيه. وفي الترمذي (^٢) عن أنس مرفوعًا: "أفضَلُ الصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ في رمضان".
ومنها: إعانة الصَّائمين والقائمين والذَّاكرين على طاعاتهم، فيستوجب المعين لهم مثلَ أجرِهم، كما أن مَنْ جهَّزَ غازيًا فقد غَزَا، ومَن خَلَفَهُ في أهله فقد غزا.
وفي حديث زيد بن خالد عن النبي ﷺ، قال: "مَنْ فَطَّرَ صائمًا فلهُ مِثْلُ أجْرِه،
(^١) الأبيات عدا البيت الثاني في ديوان أبي تمام ٣/ ٢٩ من قصيدة في مدح المعتصم بالله. والثاني لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٥٧. ونسب بعضها لعدد من الشعراء.
(^٢) كنز العمال رقم (١٦٢٤٩) وعزاه إلى سُليم في "جزئه" عن أنس. قال المناوي في "فيض القدير" ٢/ ٣٨: أخرجه البيهقي في الشعب، بل أخرجه الترمذي. وذكره السيوطي في "الجامع الصغير"، وأورده الألباني في كتابه "ضعيف الجامع الصغير" رقم (١١١٧). وفي "الإتحاف" ٤/ ١١١: أخرجه الترمذي والديلمي من حديث أنس، والبيهقي في شعب الإيمان، والخطيب في التاريخ. وسُليم الرازي في "جزئه" من حديثه أيضًا بلفظ: "أفضل الصدقة في رمضان"، وقد تكلم ابن الجوزي في هذا الحديث وعلَّه بأحد رواته: صدقة بن موسى، قال ابن معين: ليس بشيء. وإنَّما خص رمضان بذلك لما فيه من إفاضة الرحمة على عباده أضعاف ما يفيضها في غيره، فكانت الصدقة فيه أعظم قربًا منها في غيرها.
1 / 310