Letaif-i Maarif
لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
Araştırmacı
ياسين محمد السواس
Yayıncı
دار ابن كثير
Baskı Numarası
الخامسة
Yayın Yılı
1420 AH
Yayın Yeri
بيروت
Türler
Tasavvuf
بيعةِ أبي بكرٍ: رَضِيَهُ رسُولُ اللهِ ﷺ لِدِينِنا، أفلا (^١) نَرْضَاهُ لدُنْيانا. ولما قال أبو بكر: قد أَقَلْتُكُمْ بَيْعَتِي، قال عليٌّ: لا نُقِيلُكَ ولا نَسْتَقِيلُكَ، قَدَّمَكَ رسولُ اللّه ﷺ فَمَنْ ذَا يُؤخِّرُكَ؟.
لمَّا انطوَى بِساطُ النُّبوَّةِ مِنَ الأرض بوفاةِ رسول الله (^٢) ﷺ، لم يَبْقَ على وجهِ الأرضِ أكملُ مِن درجةِ الصِّدِّيقيّةِ، وأبو بكرٍ رأسُ الصِّديقينَ، فلهذا استحَق خلافةَ الرَّسولِ ﷺ والقيامَ مقامَهُ.
وكان النبي ﷺ قد عَزَمَ على أن يكتُبَ لأبي بكرٍ كِتابًا لِئلا يُخْتَلَفَ عليه، ثمَّ أَعْرَضَ عن ذلك، لِعِلْمِهِ أنَّه لا يقَعُ غيرُه، وقال: "يأبَى اللهُ والمؤمنون إلا أبا بكرٍ" (^٣). ورُبَّما كانَ تَرَكَ ذلك لِئلا يَتوهَّمَ متوهِّم أن نَصَّهُ على خِلافتِهِ كانَتْ مُكافاة لِيدِه التي كانَتْ له. والولاياتُ كُلُّها لا يُقْصَدُ بها مَصْلَحةُ المُوَلَّى، بَلْ مصلحةُ المسلمينَ عامَّةً.
وكان أوَّلَ ما ابتُدِئَ به رسولُ اللّهِ ﷺ من مرضِهِ وَجَعُ رأسِهِ، ولهذا خَطَبَ وقد عَصَبَ رأسَهُ بِعصابَةٍ دَسْمَاءَ (^٤)، وكان صُدَاعُ الرأسِ والشَّقِيقةُ يَعترِيه كثيرًا في حياتِه، ويتألَّم منه أيامًا. وصُداعُ الرأسِ مِن علاماتِ أهلِ الإيمانِ وأهلِ الجنةِ. وقد رُوِي عن النبي ﷺ أنَّه وَصفَ أَهْلَ النَّارِ فقال: "هُم الذينَ لا يألمون رُؤوسَهم" (^٥). ودَخَلَ عليه أعرابيٌّ، فقال له: "يا أعرابي! هَلْ أَخذَكَ هذا الصُّداعُ؟ "، فقال: وما الصداعُ؟ قال: "عُروقٌ تَضرِبُ على الإنسانِ في رأسِهِ "، فقال: ما وجدْتُ هذا. فلمَّا وَلَّى الأعرابيّ، قال النبيُّ ﷺ: "مَنْ أَحَبّ أَنْ يَنْظُرَ إلى رَجُل مِن أهلِ النارِ فَلْيَنْظُرْ إلى هذا". خرَّجه الإِمامُ أحمدُ، والنسائيُّ (^٦).
(^١) في ب، ط: "فكيف". (^٢) في ب، ش، ع، ط: "الرَّسول". (^٣) قطعة من حديث صحيح، رواه البخاري ومسلم. انظر "جامع الأصول" ٤/ ١٠٧ - ١٠٨. (^٤) دَسْمَاء: سوداء. (^٥) قطعة من حديث رواه أحمد في "المسند" ٢/ ٥٠٨ من حديث أبي هريرة ﵁، وإسناده ضعيف، ولكن لفقراته شواهد، سوى الأخيرة "هم الذين لا يألمون رؤوسهم" التي استشهد بها المؤلف. (^٦) رواه أحمد في "المسند" ٢/ ٢٣٢ و٣٦٦ - ٣٦٧ وليس عند النَّسَائِي في "المجتبى" ولعله في "الكبرى". وقد ذكره الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٢/ ٢٩٤ وعزاه إلى أحمد والبزار، وقال: وقال أحمد في رواية: مر برسول الله ﷺ أعرابي فأعجبه صحته وجلده، فدعاه، فذكر نحوه، وإسناده حسن.
1 / 204