116

Letaif-i Maarif

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

Araştırmacı

ياسين محمد السواس

Yayıncı

دار ابن كثير

Baskı Numarası

الخامسة

Yayın Yılı

1420 AH

Yayın Yeri

بيروت

Türler

Tasavvuf
سبحان مَن إذا لطفَ بعبده في المِحن قلبَها مِنحًا، وإذا خذَلَ عبدًا لم ينفعْهُ كثرَةُ اجتهادِه، وعادَ عليه وبَالَا. لُقِّنَ آدمُ حجَّتَه وأُلقِي إليه ما تُتقبَّلُ به توبتُه، ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ﴾ (^١). وطُردَ إبليسُ بعد طولِ خدمتِه فصارَ عملُه هباءً منثورًا، ﴿قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٣٤) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ (^٢). إذا وضَعَ عَدْلَهُ على عَبْدٍ لم تَبْقَ له حَسَنَةٌ، وإذا بَسَطَ فضلَه على عبدٍ لم تَبْقَ له سيئَةٌ. يُعْطِي ويمْنَعُ من يشاء (^٣) كما يَشَا … وهِباتُهُ لَيْسَتْ تُقارِنُها الرُّشا (^٤) لمَّا ظهرَ فضلُ آدمَ على الخلائقِ بالعلمِ، وكان العِلْمُ لا يكمُلُ بدون العمَلِ بمقتضاه، والجنَّةُ ليسَتْ دارَ عمل ومجاهدةٍ، وإنما هي دارُ نعيمٍ ومشاهدةٍ، قيل له: يا آدمُ! اهبِطْ إلى رباطِ الجهادِ، وصابِرْ جُنودَ الهَوَى بالجِدِّ والاجتهاد، واذْرِ (^٥) دُمُوعَ الأسَفِ على البِعَادِ، فكأنكَ بالعيشِ الماضي وقد عادَ على أكملِ من ذلك الوجه المعتاد، [كما قيل] (^٦): عُودُوا إلى الوَصْلِ عُودُوا … فالهجْرُ صَعْبٌ شَدِيدُ لو ذاقَ طَعْمَ الفِراقِ رَضْوَى (^٧) … لَكَادَ مِنْ وَجْدِهِ يَمِيدُ قَدْ حَمَّلُوني عَذَابَ شوقٍ … يَعجِزُ عن حَمْلِهِ الحَدِيدُ قُلْتُ وقلبي أسيرُ وَجْدٍ … متَيَّمٌ في الجَفَا عَمِيدُ (^٨) أنتُم لنا في الهَوَى مَوالٍ … ونحنُ في أسرِكُم عَبيدُ (^٩) * * *

(^١) سورة البقرة الآية ٣٧. (^٢) سورة الحجر الآيتان ٣٤ و٣٥. (^٣) في آ: ا يشاء". (^٤) الرُّشا، بضم الراء وكسرها: جمع رشوة، وهو ما يعطى لقضاء مصلحة. (^٥) أذرت العينُ دمعها: أسألته. (^٦) زيادة من نسخة (آ). (^٧) رَضْوَى: جبل بالمدينة. ورضْوَى: اسم جبل بعينه. (^٨) العميد: الشديد الحزن. وقلبٌ عميد: هدَّه العِشق وكسره. (^٩) المَوالي: أراد بها هنا المالكين، وضدها العبيد.

1 / 123