Letaif-i Maarif
لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
Araştırmacı
ياسين محمد السواس
Yayıncı
دار ابن كثير
Baskı Numarası
الخامسة
Yayın Yılı
1420 AH
Yayın Yeri
بيروت
Türler
Tasavvuf
احذرُوا هذا العدوَّ الذي أخرج أباكم من الجنة؛ فإنَّه ساعٍ في منعكم من العود إليها بكل سبيلٍ، والعداوةُ بينَكم وبينَهُ قديمة؛ فإنه ما أُخرجَ مِن الجنة وطُرِدَ عن الخِدمَةِ إلا بسبب تكبُّرِه على أبيكم وامتناعِهِ من السجود له لمَّا أُمِرَ به. وقد أُبلِسَ (^١) من الرَّحمة وأيِسَ من العَوْدِ إلى الجنةِ، وتحقَّقَ خلودهُ في النارِ، فهو يجتهِدُ على أن يُخلِّدَ معه في النار بني آدمَ؛ بتحسينِ الشركِ؛ فإن عجِزَ قنعَ بما دونَه مِن الفُسُوقِ والعصيانِ، وقد حذَّرَكم مولاكم منه، وقد أُعذرَ مَن أنذر، فخذوا حِذرَكم ﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ﴾ (^٢).
العَجبُ مِمن عَرَفَ ربَّه ثم عصاهُ، وعَرَفَ الشيطان ثم أطاعه، ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (٥٠)﴾ (^٣).
رَعَى اللهُ مَنْ نَهْوَى وإنْ كان مَا رعَى … حَفِظْنا لَهُ العَهْدَ القَدِيمَ فَضَيَّعا
وصاحَبْتَ قومًا كُنْتُ أنهاكَ عنهُمُ … وَحَقِكَ ما أبقيْتَ للصلحِ مَوْضِعا
لمَّا أُهبِطَ آدمُ إلى الأرض وُعِدَ العودَ إلى الجنةِ هو ومَن آمن مِن ذريَّتِه واتبعَ الرُّسُلَ ﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥)﴾ (^٤). فليُبَشَّر المؤمنونَ بالجنةِ، هي إقْطَاعُهم، وقد وصل مَنْشُورُ الإقْطَاعِ مَعَ جبريلَ إلى محمد ﷺ ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ (^٥).
إنما خرَجَ الإقطاعُ عمَّن خرَجَ عن الطاعةِ، فأما مَنْ تابَ وآمَنَ فالإقطاعُ مردودٌ عليه. المؤمنون في دارِ الدنيا في سَفَرِ جِهادٍ، يجاهِدُون فيه النفوسَ والهوَى، فإذا انقضَى سَفَرُ الجِهادِ عادُوا إلى وطنهم الأوَّلِ الذي كانوا فيه في صُلْبِ أبيهم (^٦). تكفَّلَ الله للمجاهدِ في سبيله أنْ يردَّه إلى وطنِه بما نالَ من أجرٍ أو غنيمةٍ.
(^١) أبلس من رحمة الله: أي يئس، ومنه سمي إبليس. (^٢) سورة الأعراف الآية ٢٧. (^٣) سورة الكهف الآية ٥٠. (^٤) سورة الأعراف الآية ٣٥. (^٥) سورة البقرة الآية ٢٥. (^٦) في ب، ط: "في صلب آدم".
1 / 119