فنبت مناب البدر في ليلة السرى ... وقمت مقام الوبل في البلد المحل
وأضمرت نار الطعن في ثغر العدا ... وأجريت ماء النصر في صفحة النصل
فحيت أبا يحيى ذراك غمامة ... صقيلة ثغر البرق وارفة الظل
تجرر أذيال الرباب على الربى ... ويمشي بها وإني النسيم على رسل
فطل عمر الدنيا وطأ قمم العدا ... وخيم مع العليا وحز قصب الخصل
ومن بها أندى نسيمًا من الصبا ... [لدى] وأحلى موقعًا من جني النحل
ولا تحتقرها من نوالك برة ... فللطل معنى ليس للمطر الوبل
قال في فرس أشقر:
مطهم شرق الأديم كأنما ... ألفت معاطفه النجيع خضابا
طرب إذا غنى الحسام ممزق ... ثوب العجاجة جيئة وذهابا
قدحت يد الهيجاء منه بارقًا ... متلهبًا يزجي القتام سحابا
رمى الحفاظ به شياطين العدا ... فانقض في ليل الغبار شهابا
بسام ثغر الحلي تحسب أنه كأس أثار بها المزاج حبابا
قال:
وحسام بكف أشوس أجري ... في الطلى ماءه أضرم ناره
عطف الضرب منه عارض شيب ... فانحنى يخضب النجع ع١ذاره
فوق ورد محجل مزج الحسن ... بمرآه ماءه وعقاره
خلصته نار الطبيعة سبكًا وأسالت لجينه ونضاره
قدح الركض زنده فاستطارت ... في دخان العجاج منه شراره
يضحك الحلي فوقه عن أقاح ... نثرتها الصبا على جلناره
وقال في شادن شاد:
ملأ المسامع والعيون محاسنًا ... فلم أدر أصغي إليه أم أنظر
قال:
والبس رداء السيف مطرز ... تحت العجاجة بالنجيع الأحمر
وارم الكريهة بالكريمة وارتشف ... صفو الحياة من العجاج الأكدر
وقال:
خلعت رداء الصبر فيها علاقة ... ويحسن إلا في هوى مثلها الصبر
ولا غرو أن تروي بها عين ناظر ... وباطنها ماء وظاهرها خمر
وقال:
وقد جال من جون الغمامة أدهم ... له البرق سوط والشمال عنان
وضمخ ردع الشمس نحر حديقة ... عليه من الطلى السقيط جمان
ونمت بأسرار الرياض خميلة ... لها النور ثغر والنسيم لسان
وقال:
طبعت من النوار بيض دراهم ... مدت إليك بها غصون
فما احتمى جانب لم يحمه ملك ... ولا مضى صارم لم يمضه بطل
وقال يصف الليل:
لاطمت لجته بموجة أشهب ... يرمي بها بحر الظلام فترتمي
قد سال في وجه الدجنة غرة ... فالليل في شية الأغر الأدهم
أطلعت منه ومن سنان أزرق ... ومهند عضب ثلاثة أنجم
جاذبته فضل العنان وقد طغى ... فانساح ينسل انسياب الأرقم
في خصر غرو بالأراك موشح ... أو رأس طود بالغمام معمم
حتى تهادى الغصن يأطر متنه ... طريًا لشدو الطائر المترنم
وكأن ضوء الصبح ظافر ... نفضت بها الهيجاء نضحًا من دم
وقال:
رطيب النسيم كأن الصبا ... تجرر فيه ذيول الغمام
وقال:
ومجر ذيل غمامة قد نمنمت ... وشى الربيع به يد الأنواء
وشربتها عذراء تحسب أنها ... معصورة من وجنتي عذراء
ومنها:
خذها كما اطلعت إليك عرارة ... مفترة عن لؤلؤ الأنداء
صفراء في بيضاء تحسب أنها ... شمس العشية في قرار الماء
ويوم ترى برقه أشقرًا ... يطارد من مزنة أشهبا
ترى الأرض منه وقد فضضت ... ووجه السماء وقد ذهبا
وقد اطلع الروض من أيكة ... سماء ومن زهرة كوكبا
وكرز أثواب خضر الغصون ... ورصع تيجان هام الربى
وقد قبل الماء كأس المدام ... فاضحك ثغرًا لها أشنبا
وشف المزاج بها جمرة ... تكاد بها الكأس أن تلهبا
عروسًا ترى خدهها أحمرًا ... يشوق ومفرقها أشيبا
وقال:
إلا إن ثغر الدمع فيك لباسم ... وقد طال من وجه الظلام قطوب
ومن لي بطيف منك يطرق مضجعي ... وبين الكرى العين فيك حروب
وإني لمهتز لذكراك لوعة ... كما اهتز في مسرى النسيم قضيب
وقال:
وقد جال من كأس المدامة أشقر ... يسابقه من جدول الماء أشهب
كأن لسان البرق فيه عشية ... لواء خضيب أو رداء مذهب
وقال يصف أثر السيل:
1 / 27