المشاريع الأدبية الكبرى
على أن لامرتين لم يرتح إلى الإقامة بنابولي؛ وما هي بضعة أشهر حتى مرض بداء الأعصاب، فطلب مأذونية لم يعين مدتها، وغادر نابولي في العشرين من شهر كانون الثاني 1821، على أن يمكث في روما بضعة أسابيع ثم يوالي سيره إلى فرنسا بعد أن يصرف بضعة أيام في البندقية.
وإذ هو في الطرق، تفتحت روحه لشعاع داخلي، وراح يحلم بقصيدة رحبة واسعة النطاق يضمنها الرقي البشري منذ فجر التاريخ.
قال: «أشعر بأني صرت شاعرا كبيرا، فلقد بدأت أحلم بقصيدة رحبة كالطبيعة، مفيدة كالقلب البشري، رفيعة كالسماء، ولم يبق علي إلا أن أنتظر ريثما تفسح لي السماء في نظمها.»
بقي لامرتين في روما من أواخر كانون الثاني إلى منتصف نيسان، ولقد صرف وقته هذا، تارة في كنيسة القديس بطرس، وطورا في قصر الدوقة ده ديفونشير، وفي منتصف شهر شباط رزق غلاما سماه ألفونس وعمده في كنيسة القديس بطرس بروما ... إلا أن الغلام لم يعش طويلا.
وما إن قدم الصيف حتى كان لامرتين وزوجته في إكس لوبان، في ذلك الوادي الحبيب الطافح بتذكارات الشاعر.
وكانت زوجة لامرتين قد عرفت بذلك الحب العظيم الذي أيقظ جذوة الشاعرية في روح زوجها، فشاطرته حسرته على تلك المرأة التي أوحت إليه قصيدة «البحيرة».
وبعد مرور بضعة أشهر على إقامة الشاعر بقصره في ماكون، رزق ابنة جميلة سميت جوليا؛ تذكارا لمدام جوليا شارل أو «إلفير».
وفي تلك السنة 1822، أصدر لامرتين الطبعة التاسعة من «التأملات» مضافا إليها أربع قصائد جديدة، وباشر إعداد الجزء الثاني من هذا الديوان الشعري. أما الطبعات الثماني من «التأملات» فقد بيع منها عشرون ألف نسخة.
التأملات الجديدة
Bilinmeyen sayfa