ووجدت بعض الأنباء المتفرقة قليلة الأهمية عنه في تلك الفترة. ثم خدمني الحظ الذي لا يعطي هباته إلا لمن يعمل بدأب؛ فعثرت بالصدفة على خبر صغير في باب الأخبار الاجتماعية يشير إلى محاضرة ألقاها في أحد الأندية النسائية بالجزائر عن «المفهوم العربي للاشتراكية». وفي هذا الخبر وجدت اسمه، لأول مرة، مسبوقا بلقب «الدكتور». وبعد ذلك بشهور وقعت على إعلان كبير في صفحة كاملة يتضمن تهنئة من إحدى شركات المقاولات التابعة للقطاع العام لرئيس الدولة على ما حققه من انتصارات، وأسفل الإعلان قرأت اسم «الدكتور» بصفته رئيسا للشركة.
انقطعت أخباره بعد ذلك فترة طويلة إلى أن عثرت بأحد الأعداد الصادرة في صيف عام 1967م على إشارة إلى سلسلة من المقالات نشرتها له إحدى الصحف اليومية، يحلل فيها أسباب الهزيمة، ناسبا إلى الاتحاد السوفيتي المسئولية الأساسية عنها.
ويبدو أنه تزوج في هذه الفترة للمرة الثالثة من ابنة أحد ملوك البترول العرب، المعروفة بنزواتها وشطحاتها الغريبة؛ إذ إن أنباءها سرعان ما طغت على أنبائه هو، وهو أمر طبيعي بحكم تخصص المجلة. ولم أجد في أعداد السنوات التالية سوى إشارات مقتضبة إلى أعماله الواسعة، والمشروعات الضخمة التي يتعهدها بمختلف أرجاء المنطقة، وخاصة بعد حرب أكتوبر، ويقوم فيها بدور همزة الوصل بين الممولين الأجانب، والمستهلكين المحليين.
شعرت أن المجلة النسائية قد أدت دورها بالكامل، وأن الوقت قد حان للبحث في اتجاه آخر، فشكرت مدير المكتبة على ما قدمه لي من مساعدة، وعرفني الرجل بنفسه.
استولت علي الدهشة لأنه كان اسما معروفا بين كتاب الصحف في أحد الأيام فغمغمت: «لكن كيف؟»
رد على سؤالي المبتسر قائلا: «اسأل من كنت تفتش عن أخباره!»
انزعجت للغاية وسارعت أقول: «من تقصد؟»
ابتسم وقال: «لا تخف، فلن أذكر شيئا لأحد على الإطلاق.»
قلت: «لست خائفا؛ فهناك جهات ذات نفوذ - لست في حل من ذكرها - تدعمني.»
اتسعت ابتسامته وقال: «لن ألومك إذا خفت.»
Bilinmeyen sayfa