هذه الورقة الصغيرة تخلد في الحياة بينما هي تزول؟ ونظرت حولها في دهشة وحيرة.
ولكن هذه الورقة يمكن أن تزول، يمكن أن تذيبها مياه البحر أو تلتهمها نار المدفأة.
ولكنها لا تزول، إنها تتحول إلى رماد، إلى مادة أخرى فحسب. وهي؟ أهي تزول حقا حين تموت؟ لا، إنها كالورقة، يتحول جسدها إلى رماد، إلى مادة أخرى فحسب، كل شيء يبقى دائما، وتقلبت على العشب الناعم الرطب، وشعرت بضغط الورم تحت صدرها، لكنها ابتسمت في هدوء وقد تضاءلت أمام عينيها فكرة الموت السخيفة.
لحظة صدق
كل شيء في مكانه القديم، بشكله القديم، كل شيء هو هو كما كان دائما، الأريكة الصفراء الطويلة هي الأريكة، وإلى جوارها رف الكتب الصغير هو رف الكتب، ومن فوقها صورة البحر الكبير هو البحر، وعيناها هما عيناها، وتنظران إلي وتعكسان من حيث لا أدري صورة البحر في هدوئه وثورته وعمقه وغموضه الطبيعي الأبدي.
كل شيء في مكانه القديم، بشكله القديم؛ ولكن شيئا ما بدا جديدا، ونزعت عيني من عينيها ورفعتهما إلى البحر الكبير، ثم مررت بهما على الستارة الزرقاء الخفيفة الزرقة كأنها السماء.
هذا بيتها، نعم بيتها، وليست أول مرة أدخل بيتها، لعلها العاشرة أو المائة، لم أفكر في عدد زياراتي لها.
والأريكة الصفراء هي الأريكة الصفراء، وليست أول مرة أجلس على الأريكة إلى جوارها وحدنا، وحدنا تماما، إلا من ذلك الوجه الذي يطل علينا من فوق الحائط الرمادي دائما، من داخل إطاره المربع، وفي جبينه خط يرسم الأبوة والبنوة معا. والزجاجة الحمراء، وهي الزجاجة، وليست أول مرة أشرب معها النبيذ.
وهي هي؛ بجسدها، وشعرها، ووجهها، وعينيها، وكل ما عرفته عنها من سذاجة ومكر، وبراءة وعبث، وذكاء وشرود، وقوة وضياع، واستقرار وحيرة، وإرادة وفزع وقلق.
وأنا بجسدي ورأسي وشعري وأصابع يدي.
Bilinmeyen sayfa