5
تجدون خمشا بعد خمش كأنما
على سيد من خير قومكم نعى
ومنها:
فلولا زهير أن أكدر نعمة
لقاذعت كعبا ما بقيت وما بقى
والوجه: ما رضي ونعي، وما بقيت وما بقي، ولكنه جاء بها على لغته، على أنه يجوز حمل «ما بقي» في بيت المتنبي على أنه أراد: ما بقي بكسر القاف على اللغة المشهورة، وأسكن الياء تخفيفا لإقامة الوزن، وهي لغة مشهورة ذكرها الإمام ابن مالك في «شواهد التوضيح لمشكلات الجامع الصحيح»، وقال: إن منها قراءة الحسن: «وذروا ما بقى من الربا»، وقراءة الأعمش: «فنسى ولم نجد له عزما»، وإن منها أيضا ما روي عن أبي عمرو من إجازة: «ثاني اثنين» - بالسكون - على ما ذكره ابن جني في «المحتسب». وأما بيت المستوغر الذي أنشده الأشنانداني فالمفهوم من سياق الاستشهاد به أنها رواية مروية فيه.
هذا ما أذكر أنني وقفت عليه من الكلام على هذه اللغة، وبقي أنني رأيت بعض هذه الأفعال مرسوما بالألف في آخره، وبعضها مرسوما بالياء، بلا مراعاة لما كان واويا منها أو يائيا، بل ربما رأيت هذا الخلط في العبارة الواحدة، بل الفعل الواحد إذا تكرر ذكره فيها. والصواب عندي أن يرسم بالألف ما كان واويا، وبالياء ما كان يائيا، على القاعدة المشهورة في الرسم، وهي التي جريت عليها في رسم ما مر من تلك الأفعال.
وقولهم عن طيئ: «إنهم يفتحون ما قبل الياء فتنقلب ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها»، ليس المراد منه انقلابها ألفا في الخط، وإنما المراد في اللفظ، كما قالوا: بانقلاب الياء ألفا في مثل «رمى» لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ لأن أصله «رمى» بفتح الآخر، وهم ما زالوا يرسمونها بالياء.
فإن قيل: ربما كان مراد من يرسمها بالألف مطلقا منع الالتباس؛ لأن ما لا يدل وزن الشعر أو القافية على أنه من تلك اللغة يلتبس باللغة المشهورة ما لم يقيد بالحركات، قلنا: هذا يصح لو أنهم طردوه في جميع الأفعال وقرروا الاصطلاح عليه، أما والحال ما ذكرنا لك، فلا.
Bilinmeyen sayfa