الحمد لله القديم الشاهد، العظيم الواحد، أمر بالصيام ثم ألحق بالكافرين الجاحد، وفرض الحج ليلين القلب بتلك المشاهد، وحتم الصيام ليعرف ما يلاقي الفقير ويكابد، وأوجب الزكاة فالمانع للزكاة معاند، وأوعد بلفظ يوم يحمى فهل يساوي المال في تلك الشدائد، فأحذر من أثره يا مريض البخل فكم من مريض بلا عائد، هيهات كيف يجلس الحباحب في منصب يحيى بن خالد، لولا دفاع العذاب عن البخلاء بالكرماء لزلزلت الأرض الواحد، أفتسمعون ما أقول كم من نبي ما تبعه إلا واحد، (وَلولا دَفعُ اللهُ الناسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لهُدِّمَت صَوامِعُ وَبِيَعُ وصَلواتُ ومَساجِدُ) .
حرف الذال
الخطبة الأولى الحمد لله الذي صنع الأشياء لا على مثال فيقال إحتذى، وتقدس عن مشابهة الأجناس فلا يقال هو كذا، قديم الأوصاف وقد تنزه وجودها عن إذا وإذا، من وصفه بغير ما وصف به نفسه هذا كلم موسى كفاحًا وإنما خرج للجذا، فقربه نجيا وأمره بالبقاء الحذا، ساق الأزراق إلى الخلائق ودبر مجاري الغذا، وأحب مكارم الأخلاق وكره الفحش والبذا، نهى عن المن في العطاء لتسلم عيون الصدقات من قذا، (يا أيُّها الَّذينَ آمَنوا لا تُبطِلوا صَدَقاتِكُم بِالمنِّ والأذَى)
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي لا يجد الهارب منه وزرًا ولا معاذا، ولا يرى الملتجي إلى غيره ملاذا، أبرم القضاء قبل خلق إنفاذا، وأنفذ العصاة بالتوبة من الخطايا إنقاذا، كل المخلوقات دليل عليه فلا يقال هذا دون هذا، وجميعها مصنوعة فلا يغرر بعضها بالا ذا، خارج عن الكائنات فلا يقال سامتها وحاذى، فأحذر التشبيه عياذا بالله عياذا، وخف التعطيل فإنه إذا اعتقد آذى. المشبهة عبدة الأصنام وإبراهيم يجعلهم جذاذا. والمعطلة يدخلون بينكم ويتخللون ثم يتسللون منكم لواذا، دعوني من البدع فما ترون لهذا عندي نفاذا، واسمعوا وصفي للسلف فإني ألتذ بذكرهم التذاذ، أنا الذي أنقذت أهل ورذاذا، أنا الذي تركت كل مبتدع في خسة يتهاذى، أنا الذي حذرتهم إلى مسان العزل فطوبى لهم كلواذا، أنا الذي قلعت الأصول بذكر الأصول أجري هذا، هل تجدون مثل لفظي اطلبوا، فإن لم تجدوا فامدحوا واطنبوا، فإن سمعتم بأعمى البصيرة (اَذهَبوا بِقَمِيصِي هَذا):
هَذِه الذالُ فاَسمَعُوها وَهاتوا ... خاطِبًا قالَ فِي الرَوَي عَلى ذا
أنا ثَقفُ لَقفُ لو أنّ القَوافِي ... كُنّ صَخرًا أطرتُهُنَّ جُذاذا
حرف الراء
الخطبة الأولى الحمد لله الذي أرسل السحائب بالمطر، فتحت حتى ارتجت النهر، حتى عجت الغدر، فضجت مما لجت الجدر، فرجعت على الورق الشكر، فلما أقلعت أطلعت الثمر، وظهرت من التخوم كالنجوم الزهر، وشكرت حتى سكرت غصون ضمر، وارتعت إذا سعت فشبعت خيل وحمر، وبان زخرف الدنيا وأفلح الضمر، فسبحان مدبر الفلك ولو لم يدر لم يدر، العادل في اقضيته لم يخف ولم يجر، قسم عباده فمنهم الفهماء ومنهم الغثر، ومنهم مستقيم القدم وفيهم العثر، ومنهم أرباب التقى ومنهم الغجر، أرسل طوفان الفتن فغطى البحار الزخر، ثم بنى لأهل الصلاح (ذاتُ ألواحٍ وُدسرٍ) فسلموا وغنموا وبحر الباقون كالجزر، فإن سألت عن الناجين فهم الخائفون الحذر، تمسكوا بعرى التقى كالمدابير الغدر، نصبوا إذا إنتصبوا فنصبت لهم السرر، وإن سألت عن الهالكين فقوم رضوا بالمياه الكدر، فوقعوا في حومة غفلة وفي ضيق شعر، أطلقوا أنفسهم في أغراضها كالسوائب والبحر، فكيف رأيت ماشيهم قد وقع ولم يثر، (كَذَبَت عادُ فكيفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) .
الخطبة الثانية
1 / 6