17

Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence

الموسوعة الفقهية الكويتية

Baskı Numarası

من ١٤٠٤

Yayın Yılı

١٤٢٧ هـ

Türler

احْتِمَال الْخَطَأِ، وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ خَطَأٌ مَعَ احْتِمَال الصَّوَابِ. فَلَمَّا نَجَمَتِ الْفِتْنَةُ تَحَكَّمَتِ الأَْهْوَاءُ، فَكَانَ الاِخْتِلاَفُ فِي الرَّأْيِ سَبَبًا لِلشِّقَاقِ. وَالْمُتَتَبِّعُ لِسُنَّةِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ سَوَاءٌ مَا يَتَّصِل بِالتَّشْرِيعِ أَوِ الإِْبْدَاعِ يَجِدُ أَنَّهُ مَا مِنْ خَيْرٍ إِلاَّ وَيَشُوبُهُ بَعْضُ الشَّرِّ. وَالَّذِي يُقَارِنُ بَيْنَ الْخَيْرِ فِي وُجُودِ الظَّنِّيِّ مِنْ النُّصُوصِ الَّذِي هُوَ مَثَارُ اخْتِلاَفِ الأَْنْظَارِ، وَمَا قَدْ يَشُوبُهُ مِنْ شَرٍّ، يُدْرِكُ أَنَّ الْخَيْرَ كُل الْخَيْرِ فِيمَا وَقَعَ، فَإِنَّ جُمُودَ الأَْفْكَارِ - لَوْ جَاءَتِ النُّصُوصُ كُلُّهَا قَطْعِيَّةً - يَكُونُ بَلاَءً دُونَهُ كُل بَلاَءٍ. وَالتَّارِيخُ شَهِدَ بِصِدْقِ هَذَا، فَإِنَّ الآْرَاءَ الْمَبْنِيَّةَ عَلَى الْهَوَى، وَالَّتِي نَجَمَ عَنْهَا مَا نَجَمَ مِنْ فِتَنٍ، قَدْ انْدَثَرَتْ آثَارُهَا، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا إِلاَّ آثَارٌ فِي بُطُونِ الْكُتُبِ، نَقَلَهَا النَّاقِلُونَ لِتَشْهَدَ لِهَذِهِ الأُْمَّةِ عَلَى سَعَةِ صَدْرِهَا، وَحُرِّيَّةِ الرَّأْيِ فِيهَا، وَلَكِنَّهَا ذَهَبَتْ كَغُثَاءِ السَّيْل، وَانْطَفَأَتْ كَوَمِيضِ الْبَرْقِ: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَْرْضِ﴾ (١) . عَلَى أَنَّهُ لَوْ جَاءَتِ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ كُلُّهَا قَطْعِيَّةً لَقَال قَائِلُهُمْ: هَلاَّ كَانَ لَنَا مَجَالٌ لِلاِجْتِهَادِ حَتَّى لاَ تَجْمُدَ عُقُولُنَا، وَنُصْبِحَ أَمَامَ نُصُوصٍ جَامِدَةٍ؟ . الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِقْهِ الإِْسْلاَمِيِّ وَالْفِقْهِ الْوَضْعِيِّ: ١١ - يَقُول بَعْضُ الْمُتَعَصِّبِينَ لِلْفِقْهِ الْوَضْعِيِّ: إِنَّ الْفِقْهَ الإِْسْلاَمِيَّ مَا هُوَ إِلاَّ آرَاءٌ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَلاَ يُعْتَبَرُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ خُرُوجًا عَلَى الشَّرِيعَةِ، كَمَا يَقُولُونَ: إِنَّ الْفِقْهَ الإِْسْلاَمِيَّ لَمْ يُعَالِجْ مَشَاكِل الْعَصْرِ وَمَا جَدَّ مِنْ أَحْدَاثٍ. بَل يَتَجَرَّأُ الْبَعْضُ وَيَقُول: إِنَّهُ أَصْبَحَ تَارِيخًا، كَتَشْرِيعِ الآْشُورِيِّينَ وَقُدَمَاءِ الْمِصْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الأُْمَمِ الْبَائِدَةِ. وَنَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ -: إِنَّ الْفِقْهَ الإِْسْلاَمِيَّ وَإِنْ كَانَ مَجْمُوعَةَ آرَاءٍ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ، إِلاَّ أَنَّ هَذِهِ الآْرَاءَ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُعْتَمِدَةً عَلَى نَصٍّ شَرْعِيٍّ مِنْ

(١) سورة الرعد / ١٧

1 / 20